De la Transmission à la Création

Hasan Hanafi d. 1443 AH
142

De la Transmission à la Création

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص

Genres

فكثر الآيات حتى إنها لتصبح بديلا عن الخطاب الفلسفي. ولا توضع بين قوسين بل تستعمل كأسلوب حر كما هو الحال في النصوص الفقهية أو عند الجماعات الإسلامية المعاصرة لإيهام العامة وتجريدها باستدعاء سلطة النص مقابل استعمال أئمة الظلم. فالنص سلاح ذو حدين. ولا يفل الحديد إلا الحديد.

31

ويدل القرآن الحر على أنه لا فرق بين الآية القرآنية والخطاب الفلسفي. إذ يقوم كل منهما بدلا من الآخر على التبادل. كما يدل على أن الفكر الفلسفي قريب من مصدره، وأنه لا يتداخل بين المصدر والفكر الفلسفي أي مصدر آخر وافد أو موروث. كما يدل على أن التنظير العقلي التلقائي ما زال في بدايته. مساحته ما زالت قليلة. وأحيانا تكون الآية حرفية ولكنها متداخلة مع الخطاب الفلسفي بلا بداية ولا نهاية . وأحيانا يبدأ الخطاب بقال الله تعالى، ولكن القرآن أقرب إلى النقل بالمعنى وليس حجة نقلية. وأحيانا يبدأ الخطاب بقرآن حر وينتهي بقرآن حر وكأن القرآن الحر هنا بديل عن الخطاب الفلسفي.

ويستمر ذلك عبر العصور حتى القرن الرابع عند السجستاني والقاضي النعمان وحاتم بن عمران. ويبدأ بالاختفاء كلما زاد التنظير العقلي وملأ مساحة كافية بين النص كمصدر وبين الخطاب الفلسفي كتنظير له.

32

وابتداء من القرن التاسع لم تعد الآيات تثبت شيئا، ولا تدخل في منطق الفكر بل تظل خارجه، مجرد رصد لتكملة الخطاب الديني. وكلما تأخر الزمان قل الإبداع وزادت لحظة الإنشائيات مع عناوين تغلق الاجتهاد، وتعلن الكمال مثل «الكافية». وتستمر طريقة تفتيت النص وتخريج المناط وبيان كل جزء إلى أي شيء يشير مثل التفسير الشيعي في علوم التفسير. يبدأ التفسير بالواقع، والإنسان الحي، وينتهي بالخيال، المنتقى الروحاني.

ويستعمل لفظ «القرآن» كثيرا مما يدل على أنه المصدر الوحيد، والمرجع الأوحد في الفكر الفلسفي الشيعي، وأحيانا يبدو مشخصا وكأنه كائن حي مثل الأتماء السبعة، والأساس، والحكيم، وصاحب التأويل. وهو كلام الله. ينطق بالحق منزل من اللوح المحفوظ. ومن هنا جاء شرفه، على قلوب الناس، ويخاطب كل مؤمن كما يخاطب النبي يدخل في قلوب المؤمنين، في القلب وفي الطبيعة، في الداخل وفي الخارج، وأحيانا يتحسر من القلب ويتحسر على الطبيعة فلا يبقى منها إلا رسمه، ويصبح حبرا على ورق. وهو معجز لأنه لا يخلو منه شيء من ضروب الكلام، ومليء بالأعاجيب، وبه من الحكمة بلاغة وأداء. له ظاهر وباطن، ويسمح بالتأويل. يخاطب المستحق في منزلة استحقاقه، يعطي كل شيء وصفه، ويضع كل شيء في موضعه. فالقرآن والطبيعة عالم واحد. وهو هيولى لسائر العلوم الرياضية والعقلية، ومعدن معرفة الحدود الروحانية للقائمين بالقسط المؤمنين بمثالهم ودليلهم. يمدح خلق الأنبياء. ودور القرآن هو دور محمد، خاتم الدائرات العظمى. هو الدور السابع، خاتم الدائرات، ومنتهى السدرة طبقا للسبعة التي في القرآن: محمد، وأحمد، ويس، والمزمل، والمدثر، والضحى. وله أربعة عشر اسما، سبعة مذكورة وسبعة أخبر هو بها.

33

ويظهر التأويل العددي للقرآن أولوية العدد سبعة بالرغم من أن القرآن يذكر الأعداد كلها من الواحد حتى الثاني عشر بلا تفضيل، وكذلك المائة والألف. فالسموات سبع طباق أي النطقاء السبعة. التأويل العددي له ما يبرره، وجود الأعداد في القرآن. وبضربها وجمعها وقسمتها دون طرحها، فالطرح سلب ونقص، تخرج أعداد أخرى مثل السبع عشرة ركعة مجموع الصلوات الخمس، وتكبيراتها أربع وستون، وتسليماتها خمس. فيكون المجموع تسعا وتسعين، عدد أسماء الله الحسنى. ويتكرر نفس التأويل لنص جديد. والقرآن نفسه هو الذي يعطي الأولوية للعدد سبعة. وتتعدد الحسابات وتنتهي كلها إلى العدد المطلوب إثباته مثل العدد تسعة وتسعين الذي قد يثبت أيضا السبع المثاني، والأربعة عشر نبيا، حججا ظاهرة، واثني عشر نبيا حججا باطنة وست مراتب للإيمان: المؤمن، والمحرم، والمحل، والمأذون، والمباح، والحجة نقلا لأحكام التكليف الخمسة فيكون العدد تسعة وتسعين. الكواكب سبع طوالع، والبروج اثنا عشر، وكلاهما تسعة عشر. وأحيانا تدخل الكواكب في الحساب، السبع سموات، والسبع الأرضية. والسبع الشداد وما بينهما، فالكواكب لا تدبر بنفسها لأنها لا تعقل بل لأنها ترمز للملائكة. الكواكب المثل، والملائكة الممثول. ولأول مرة يظهر المصطلح عند القاضي النعمان وإن لم يظهر عند السجستاني. فهناك اثنا عشر ملاكا روحانيا، وتسعة عشر ملاكا لحراسة النار. فلا فرق بين أسماء الله الحسنى ومظاهر الطبيعة في العدد. كلاهما تسع وتسعون. ويتم تكييف حساب الملائكة والأجرام والسموات والأرض وما بينهما بحيث ينتهي الحساب إلى هذا العدد. ومن ثم يخطئ المنجمون في اعتبارهم أن هذه الكواكب الظاهرة هي المدبرة. وكيف تكون كذلك وهي جماد لا عقل لها ولا نفس؟ وكيف تكون مدبرة والله هو المدبر؟ ومن ثم يكون تصور الشيعة للكواكب أفضل من تصور الفلاسفة الذين جعلوها نفوسا وعقولا وحياة عوالم متوسطة بين الله والعالم الطبيعي.

34

Page inconnue