De la transmission à la création

Hasan Hanafi d. 1443 AH
148

De la transmission à la création

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث

Genres

59

لقد أجمع المفسرون على أن مذهب أرسطو هو لزوم جهات النتائج لجهات المقدمات. وخرج البعض منهم على هذا الإجماع اعتمادا على وهم بعض المتأخرين، مثل الإسكندر وثامسطيوس وأبي نصر، لا المتقدمين مثل ثاوفرسطس وأوديموس. ولم يوافق الشراح على ما يقوله أرسطو في جهات نتائج المقاييس المختلطة. ويعرض للشراح المسلمين مثل الفارابي وابن سينا، كما يعرض للشراح اليونان. وقد ظن ابن سينا أنه زاد على أرسطو ضروبا كثيرة من المقاييس. يذكر ابن رشد أرسطو بمناسبة تصحيح فهم ابن سينا له؛ أي بسبب صورة الوافد في الموروث، وليس تعاملا مع الوافد وحده. ويعيد تأويل الشراح، ويرده إلى أصله في أقوال أرسطو، فيضرب عصفورين بحجر واحد. عيب المفسرين إغماض الأمر حتى على فاهم أرسطو، والمعرفة عن طريق الوساطة دون الذهاب إلى أقوال أرسطو نفسه، مع أن دور الشراح هو المساعد على فهم النص الأصلي، ودور الشراح المتقدمين مساعدة الشراح المتأخرين؛

60

لذلك يعتمد ابن رشد في تصحيحه للشراح على أرسطو نفسه وعلى أقواله عودا إلى الأصل، وفي نفس الوقت يعتمد على الأمر نفسه؛ أي على الموضوع ذاته وهو أصل النص؛ فالأصل قول أو شيء، والقول الفصل قول ابن رشد الذي يتحد بالشيء في صيغة «فنحن نقول» تمايزا بين الأنا والآخر.

ويحتج الإسكندر بأن الأمثلة التي يستعملها أرسطو مقدمات طبيعية متوسطة بين الضروري والممكن. ظن الإسكندر أن الوجودية التي عاناها أرسطو في زمان ومكان معينين، وليست الموجودة في كل زمان ومكان؛ لأن الإطلاق عند أرسطو في المقدمة، متى وجد الموضوع وجد المحمول. وقد ذهب ذلك على سائر المفسرين القدماء، واختلفوا في المقدمة الوجودية. ويرى الشراح، ثاوفرسطس وأوديموس، أن الوجودية عند أرسطو تعم الضروري والممكن والموجود بالفعل، وعند الإسكندر الموجودة بالفعل في زمان معين فقط. وعند أوديموس وثاوفرسطس الوجودية تعم الضروري والممكن والموجود بالفعل، على عكس الإسكندر الذي يعني بالوجودية الموجودة بالفعل.

61

ويحيل ابن رشد إلى باقي مؤلفات أرسطو شارحا المنطق بما بعد الطبيعة؛ فالضرورة والإمكان مقولتان في المنطق وموضوعان في ما بعد الطبيعة، وأحيانا يرجع ابن رشد أخطاء الشراح إلى أخطاء مادية في النسخ التي قرأها الشراح أو في الأصل القديم؛ فالمعنى هو الذي يحكم النص، وهو ما وقع لأبي نصر في تأويله على أرسطو أنه متى كانت الكبرى ضرورية بالقوة في الشكلين الثاني والثالث كانت النتيجة ضرورية. وهو قول متناقض. وقد كان ذلك أيضا نفس اعتذار الفارابي لأرسطو.

62

ويعبر ابن رشد عن قصد أرسطو بطريقة معيارية، ما ينبغي أن يكون عليه المعنى؛ لأنه يعرف الموضوع بتحليله الخاص؛ ومن ثم يضبط معاني أقوال أرسطو من أعلى ومسبقا. لا تفهم أقوال أرسطو من الألفاظ إلى المعاني، بل من المعاني إلى الألفاظ. وما ينبغي أن يكون عليه المعنى ينبع أيضا من طبيعة العقل. ولما كان العقل هو الذي يجمع بين أرسطو وابن رشد سهل فهم المعنى واتفاق العقلاء عليه؛ فالمقدمة الكبرى هي التي تحدد الجهة في النتيجة، والمعنى المعياري هو الذي يمنع الشكوك ويقضي على سوء تأويل الشراح، وهو الحق في نفسه، الشيء في ذاته، ويتفق مع اللفظ. يختلف مع الشراح؛ ومن ثم يعارضون اللفظ والشيء في ذاته؛ لذلك لم يفهموا الأنواع الوجودية والمطلقة والضرورية. وعندما يجد الشارح نفسه مختلفا مع أرسطو فإنه يعتذر عنه ويئوله حتى يتفق مع قوله، وكأن ابن رشد هنا يقرأ الشرح بطريقة المتكلمين الذين يئولون النقل طبقا للعقل. وهذا ما فعله ثامسطيوس وأبو نصر.

63

Page inconnue