De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Genres
ويمكن تجميع هذه الكتب في عدة علوم طبقا للأهمية الكمية: الفقه، والكلام والتصوف، والتاريخ والطبيعيات، والحديث.
95
كما يلاحظ غلبة العلوم النقلية وغلبة الفقه عليها، والحديث أقلها، وغلبة التصوف والكلام على العلوم النقلية العقلية، وغلبة الكلام على الفلسفة، وظهور الطبيعيات وحدها، الطب والجغرافيا والتاريخ، دون منطق أو إلهيات طبقا للقسمة الثلاثية لعلوم الحكمة، وغياب الوافد كلية وكأنه لم تكن له الصدارة قبل ذلك بعدة قرون. بل تغيرت بعض الأسماء العقلية إلى إيمانية مثل موضوعات علم الكلام دون تسميته مثل قواعد الدين الذي يشمل نظرية العلم أساسا، وكتاب أحكام النبوة الذي يتناول موضوع النبوة، وكتاب الغرائب الذي يشمل بعض أمور المعاد مثل العقل والروح والثواب والعقاب، وكتاب الرد على الكفرة ويتناول الفرق غير الإسلامية، وكتاب المناظرات الذي يتكرر مرتين وهو أقرب إلى منهج الكلام، وكتاب فتن آخر الزمان عن أشراط الساعة. يشمل علم الكلام سبعة كتب تدور حول الله والرسول، وكما هو الحال في علم العقائد المتأخر. وتظهر بعض المسائل الأخلاقية التقليدية مثل آداب الضيافة، ومقاومة الرذائل مثل الكذب والغيبة والغضب والحسد والبخل والحرص والطمع والخيانة والجشع والكبر والعجب والرياء ومذمة الخلق، وبعض المسائل التقليدية مثل تحريم أواني الذهب والفضة وكتاب الجهاد. أما العقلاء فلهم سلوتهم بالحوادث ومخاطبة النفس وتسلية النفس لموت الأقارب وتسلية الله لعباده.
96
والكتاب تجميع لا تأليف كما هو الحال في العصر العثماني، عصر الشروح والملخصات والموسوعات، عصر التدوين الثاني بعد أن توقف العقل عن الإبداع، وبدأت الذاكرة في التدوين. تغلب عليه الحجج النقلية كما هو الحال في الحركة السلفية المتأخرة؛ بل إنه مجرد مجموعة من الآيات والأحاديث المتراصة بعضها فوق بعض، ولا تكاد تخلو صفحة واحدة منها. هناك بقايا عقلانية تتراءى عن بعد، من ذكريات عصور خلت، مثل أن أول ما يحجب عن المكلف النظر كما هو الحال في علم أصول الدين، والبداية بسلطان العقل وحاكم الشرع، ولكنها لا تصمد أمام طوفان الحجج النقلية. ويمكن معرفة مناهج التفسير وكيفية استعمال الأدلة النقلية مثل:
اهدنا الصراط المستقيم .
97
كما أن الأحاديث المروية قد لا تكون صحيحة كما هو الحال عن الصوفية، بدليل غياب السند والاكتفاء بعبارة «وفي الخبر». كما يدل طول الحديث على انتحاله.
ويأتي النص الشعري مؤازرا للنص الديني؛ فالشعر قبل الإسلام يعادل الوحي بعده، ويقومان بنفس الوظيفة، المصدر المركزي للمعرفة. لذلك نصح عمر بن الخطاب: «عليكم بشعر جاهليتكم فإن فيه تفسير كتابكم.» وتتوارى العلوم الإسلامية العقلية، والعقلية النقلية، هذا الإبداع الحضاري لحساب المركز الأول كما تفعل الحركة السلفية من أحمد بن حنبل حتى محمد بن عبد الوهاب.
98
Page inconnue