De la transmission à la création
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Genres
28
وقد يتحول الخلاف بين الفلاسفة إلى معارك وردود مثل رد الحكماء المتأخرين على أنكساجوراس في إثباته جسما مطلقا لم يعين له صورة سماوية أو عنصرية، وفي نفي النهاية عنه ، وفي قوله بالكمون والظهور، وفي بيان سبب الترتيب وتعيينه المرتب.
29
ويبين الشهرستاني بداية الفلسفة اليونانية وأول القائلين ببعض آرائها؛ فأنكساجوراس هو أول من قال بالكمون والظهور، وهي الألفاظ التي ظهرت عند أصحاب الطبائع من المعتزلة.
30
والشعر عند اليونان كان سابقا على الفلسفة، وتلك أهمية هوميروس وطاليس. وقد خالف أرسطو أستاذه أفلاطون؛ فعند الأستاذ كل إنسان مسير لما خلق له، له طبع مهيأ لشيء لا يتعداه، وعند التلميذ إن كان الطبع سليما صلح لكل شيء، وهو الخلاف بين الطبع والاكتساب. وعند الأستاذ النفوس الإنسانية أنواع لا تتعداها إلى ما عداها، وعند التلميذ النفوس الإنسانية نوع واحد إذا تهيأت نفس لشيء تهيأ النوع لها. كما اختلف فيثاغورس وسقراط هل الحكمة قبل الحق أم الحق قبل الحكمة؟ ويحكم الشهرستاني في هذا الخلاف بأن الحق أعم من الحكمة، إلا أن الحق قد يكون جليا وقد يكون ضعيفا. أما الحكمة فإنها أخف من الحق ولا تكون إلا جلية. الحق مبسوط في العالم مشتمل على الحكمة المستفيضة في العالم. والحكمة موضحة للحق المبسوط في العالم. الحق ما به الشيء والحكمة ما لأجله الشيء.
31
وتتم المقارنات بين فلاسفة اليونان من أجل إيجاد بنية للموضوع بعد تركيبه ورؤيته ومعرفة اختلاف الأسماء عليه؛ فتاريخ الفلاسفة يؤدي إلى الفلسفة، والتاريخ يكشف عن البنية، فما سماه أرسطو البخت سماه جرجيس قوة روحانية مدبرة للكل. وزعم الرواقيون أنه نظام لعلل الأشياء. وقال رابع إنه الحد. كما خالف أرسطو ومن بعده من الحكماء أستاذه أفلاطون في نظرية المثل أو الصورة مرجعين الصورة إلى الأجسام، والأنفس إلى الأبدان.
32
وأحيانا تكون المقارنة بين الوافد والموروث؛ فالموضوع واحد، والفلاسفة المتأخرون في الإسلام هم استمرار للفلاسفة المتقدمين اليونان. ويدخل المسلمون طرفا في خلافات اليونان لبيان المواقف المتشابهة والمختلفة بين الثقافتين، أو من أجل استعمال مواقف الموروث لحل خلافات الوافد؛ فقد اختلف الأوائل في الإبداع والمبدع، هل هما معنى واحد، أم إن الإبداع نسبة إلى المبدع وإلى المبدع. وهو نفس إشكال المسلمين في الإرادة بالنسبة للمريد والمراد، وفي الخلق بالنسبة للخالق والمخلوق. وكذلك مقارنة خروسيبوس وزينون الرواقي من اتحاد الجوهرين؛ البدن والنفس، وهما شيء واحد عند الحسن البصري. وأحيانا تتم المقارنة في لا زمان؛ فالفلاسفة جميعا يعيشون معا ويتعاصرون ويتحاورون في ذهن المؤرخ مثل ظهور أبو زكريا الصيمري مع الإسكندر.
Page inconnue