De la transmission à la création (Volume 1 La transmission): (2) Le texte: la traduction - le terme - le commentaire

Hasan Hanafi d. 1443 AH
167

De la transmission à la création (Volume 1 La transmission): (2) Le texte: la traduction - le terme - le commentaire

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق

Genres

9

ويعاد بناء الأمثلة أيضا دون إسقاطها كلية، أو استبدال أمثلة عربية بها، وكما هو الحال في الشرح والتخليص؛ فالترجمة نقل حضاري من بيئة بحرية إلى بيئة صحراوية، ومن ثقافة تقوم على مفهوم الآلهة إلى ثقافة تقوم على التوحيد، وهو في حد ذاته إبداع. الترجمة انتقال من بيئة إلى بيئة، ومن ثقافة إلى ثقافة، ومن تصور إلى تصور، وليس فقط مجرد نقل من لغة إلى لغة، ومن لفظ إلى لفظ. ومع ذلك تكثر الأمثلة وأسماء الأعلام والأماكن؛ مما يجعل التلخيص مراحل ضرورية بعد الترجمة؛ من أجل التركيز على الممثول وعلى المثل، وعلى الموضوع دون وسائل إيضاحه، وجعله مستقلا عن واقعه التاريخي المناخي الذي نشأ فيه. وقد يسقط المثل اليوناني كلية والاكتفاء بالممثول؛ لأن شرح ضرب المثل هو المجهول على المعلوم، فإذا كان المثل مجهولا فلا يمكن إحالة المجهول إليه.

10

وقد يسقط اسم العلم ويتحول إلى لقب، كخطوة في الانتقال من الخاص إلى العام، ومن المثل إلى الممثول، مثل إسقاط اسم الفيلسوف أرسطو أو غيره والاكتفاء بلقب الحكيم. وقد يكون المعنى الاشتقاقي للاسم أحد وسائل التحول من الخاص إلى العام، والانتقال من الخاص الوافد إلى العام، الذي ينطبق على الوافد والموروث على حد سواء.

11

وقد يتم إكمال المثل بطريقة متوازنة، فإذا تم ضرب المثل بالأب والابن والأم والصديق تحذف الصديقة وتوضع البنت بدلا منها. وقد يتم التخفيف من المثل وجعله أقصر وأبسط ما دام المعنى واضحا، ويمكن أخذ نصفه إذا كان النصف الآخر مجرد نفي للنفي. وقد يصل حد تخفيف الصورة إلى حذف أسطر بأكملها. وقد يتم ضبط الصورة وإحكامها حتى يكون المعنى متسقا مع المثل، إما لضبط المعنى أو لإحكام الصورة.

12

وتبلغ قمة النقل الحضاري في التوجهات الإسلامية للترجمة ؛ فبالرغم من أن المترجم نصراني ولسانه عربي، إلا أن ثقافته إسلامية تظهر في موضوع النص المترجم، وفي القيمة الإسلامية التي تظهر في عبارات الترجمة كالإيمان والحياء، والمصطلحات الإسلامية كالشرائع والأنبياء والتأويل والفقه والحسن والقبح والنسخ، وفي ترجمة «الآلهة» أو «الملائكة» نظرا لثقافة التوحيد السائدة؛ فقد كان المترجمون على علم بالعلوم الإسلامية ومصطلحاتها، وبالرغم من اختلاف البيئة الجغرافية للأحلام من مجتمع البحار إلى مجتمع الصحراء، فالموضوع نفسه تعبير الرؤيا، هو تفسير الأحلام المذكور في القرآن، والذي تدور حوله سورة يوسف، والذي كتب فيه أعلام الصحابة وهو ابن سيرين. كما أنه يخضع لتصور الحكماء القائم على التنزيه العقلي القديم، مما سهل تركيبه على التوحيد الإسلامي، بل تبدو الأحلام مرتبطة بالطبقات الاجتماعية، أحلام الفقراء في الخبز وأحلام الأغنياء في الثروة، كما هو الحال في حلم العزيز. كما أن الموضوع يقوم على التجارب الشخصية وعلى تحليلات العقل؛ مما يسهل ترجمته أي إعادة كتابته؛ فالعقل والتجربة هما أيضا دعامة الوحي. ويمثل بموضوعات الجنس بل والشذوذ الجنسي عند اليونان والعرب؛ فلا حياء في الدين. ومن غير المستبعد أن يكون هناك فصل أضيف من المترجم وربما من الناسخ على الترجمة العربية، حتى يبدو النص متفقا مع عقيدة التوحيد.

13

وتظهر بعض المصطلحات والموضوعات والقيم الإسلامية في الترجمة العربية، والتي قد تكون أحد بواعث الحذف والإضافة، وذلك مثل حذف لفظ العصبية الذي لم يكن تحول بعد إلى مفهوم. ويحذف لفظ هرمس ويكتفى بلفظ التمثال حرصا على بيئة التوحيد من الوثنيين، بينما تظهر مصطلحات أخرى مثل ملكية الأولاد والمماليك. وقد تحذف صورة بأكملها مثل الحصانين المقرونين على عجل؛ لأنها ليست صورة حضارية موروثة، واليونان لهم شريعة، كما أن نقد الأغنياء وتجمع رءوس الأموال توجه إسلامي.

Page inconnue