De vivant à mort: à mon frère

Tawfiq Hasan Shartuni d. 1382 AH
84

De vivant à mort: à mon frère

من حي إلى ميت: إلى أخي

Genres

وكم يجري في لبنان، وفي جميع أنحاء العالم من أمثال هذه الحوادث التافهة، التي تؤدي غالبا إلى المجازر الدامية!

إن الخلق الإنساني المؤسس على الغريزة، هو - لعمري - مصدر الخصام والتنازع؛ لأنه دائما يسبق العقل في أحكامه.

فلو كان كل امرئ قبل أن يستسلم إلى الغضب - تجاه الأمر الذي يعتقد بضرره أو أذاه - ينتظر عقله ليصدر الحكم على خصمه، لكانت وطأة المنازعات - التي تستعر نارها بين الأفراد والجماعات - تخمد جذوتها، وقد تتلاشى مع الزمن، وتصبح أثرا بعد عين.

ولكن لسوء حظ الإنسان أن العقل لم يسيطر بعد على مقدرات الطبيعة البشرية.

ولهذا السبب ما برح الناس - كما تعهدهم يا أخي - يتنازعون ويتخاصمون ويتقاتلون، إنهم يناصرون الموت على إفناء بعضهم بعضا، وهم لو فطنوا لأشغلوا أذهانهم في محاربته، لا في مناصرته؛ لأن الموت قوي لا يحتاج إلى نصير.

الرسالة السابعة والثلاثون1

من حوادث الحياة: المال والشيخ والهرم

يا أخي:

لقد أبدع المسيح بقوله: «لا تعبدوا ربين: الله، والمال»، لأن المال هو الضالة الوحيدة التي تنشدها جميع الأمم من أقصى المعمور إلى أقصاه، وهو الذي يشغل عقول الناس منذ حداثتهم إلى يوم وفاتهم.

منذ بضعة أيام ذهبت إلى مكتب أحد الأغنياء؛ لقضاء بعض الحاجات، وكان الجو ممطرا، والبرد قارسا، فشاهدت هناك شيخا طاعنا في السن، جالسا إلى منضدته، وسعاله متواصل وهو لا يبالي، فبعد أن قضيت حاجتي أخذت أتجاذب وإياه أطراف الأحاديث، وكان ذلك طبعا عن التجارة والصناعة، وكل ما يؤدي إلى كسب المال، فسألته عن مبلغ ثروته، فأجاب أنها تزيد على الثلاثمائة ألف ليرة ذهبا، جمعها كلها بجده، وعرق جبينه.

Page inconnue