De vivant à mort: à mon frère
من حي إلى ميت: إلى أخي
Genres
أليست هذه الحياة تتركب من روح ومادة؟ والروح هي الجوهر، والمادة هي العرض؛ إذ من الجوهر تتولد القوة الأدبية، ومن المادة تتولد القوة البدنية، فإذا كانت المادة التي هي قشور الحياة وعرضها لا تفنى في الموت، بل تتجدد على الدوام، فكيف تفنى الحكمة التي هي جوهرها ولبابها؟!
وفضلا عن ذلك؛ أليس للوجود غاية؟! وهل يا ترى يصل المرء في حياته القصيرة على الأرض إلى غاية وجوده؟!
إذن يخيل إلي أن للوجود نظاما يشبه نظام الجامعات العلمية، أو أنه يدعى - بحق - جامعة الجامعات.
فكما أن الطالب لا يبلغ غاية علمه في درس سنة واحدة، بل عليه أن يواظب على دروسه أعواما عديدة، وأن يعلو في معارفه صفا صفا إلى أن يدرك نهاية علمه، هكذا الإنسان لا يبلغ غاية الوجود في هذه الحياة الدنيا، بل عليه أن يحيا حياة جديدة ليتمم معارفه، ويعلو في خبرته صفا صفا، إلى أن يدرك الغاية القصوى من وجوده.
ولهذا السبب تراني أعتقد كل الاعتقاد بأن خبرة هذه الحياة لا تذهب عبثا، بل بالعكس؛ لها فائدة مزدوجة.
الفائدة الأولى:
ما يورثه المرء لأبناء جنسه؛ لأنه كما يرث الخلف عقار السلف ونضاره، هكذا يرث أيضا علمه واختباره.
والفائدة الثانية:
ترجع إليه من حيث يزود نفسه حكمة في خبرة دنياه، ويزيدها ثقافة ورقيا، ويخطو بها في المعرفة خطوة إلى الأمام في مراحل حياته الباقية.
يا أخي، إن هذه الحياة العالمية ليست في نظري كل الحياة، بل تمثل فقط مشهدا من مشاهدها، ودورا من أدوارها، وأما الحياة فإني أتمثلها أبدية كالأبدية.
Page inconnue