De la croyance à la révolution (2) : L'Unicité
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Genres
قد يكون «الله» شيئا بالمعنى الأنطولوجي للكلمة، أي الوجود القائم وليس بالجسم، وبمعنى الماهية المجردة،
48
ولكنه مزلق خطر خارج عن نطاق علم أصول الدين الغارق في التشخيص الإنساني والواقع في «الأنثروبولوجيا»، يصعب عليه الخروج منها إلى «الأنطولوجيا». لذلك توقف البعض. فلا يقولون إن الله شيء أو إنه ليس شيئا وهو أقرب إلى التنزيه الوجداني وعدم الدخول في المزالق التصورية.
49
فابتعادا عن التجسيم واقترابا من التنزيه يصبح «الله» ليس شيئا وليس لا شيئا. وبالرغم من أن أمثال هذه العبارات تحصيل حاصل، إلا أنها تحوم إقداما نحو التشبيه ثم إحجاما عنه اقترابا من التنزيه، وكأن الذهن البشري إذا ما أراد الحرص على التنزيه فليس أمامه إلا طريق النفي، وطريق النفي وحده. ولكن نظرا لمخاطر الصورية والفراغ في التنزيه، فإن التجسيم يعود ليفرض نفسه على التصور بالجسمية والشيئية، ويظل الشعور متوترا حائرا بين الصوري والمادي، بين المثال والواقع، بين الحس والعقل دونما استقرار. لقد كانت الحجة في إثبات الباري شيئا هو الخوف من التعطيل، ولكن ألا يوقع ذلك الخوف في التشبيه؟ ولماذا يكون الخوف من التعطيل مقدما على الخوف من التشبيه؟
50
وكما يقل التجسيم وينتقل من البدن المعين إلى الجسم، فإنه يقل أيضا درجة، وينتقل ارتفاعا من الجسم إلى الشيء، فالشيء مقولة تحتوي على عمومية أكثر من الجسم، كما أن الجسم مقولة تحتوي على عمومية أكثر من البدن. فإذا كان كل جسم شيئا، فليس كل شيء جسما. كما أن كل بدن جسم وليس كل جسم بدنا بالضرورة. ثم يخف التجسيم درجة ويصبح «الله» أيضا شيئا، ولكنه شيء لا كالأشياء، ولا يشابه الأشياء. فهو ليس شيئا وهو ليس لا شيئا، بين التشبيه والتنزيه، تشبيه لأنه شيء، وتنزيه لأنه لا كالأشياء. وهو مثل القول بأنه جسم لا كالأجسام. وصفة بالشيء لا تعني شيئا لا كالأشياء بصرف النظر عن كون العبارة من حيث بناء اللغة تحصيل حاصل.
وقد أفاض القدماء في الحديث عن الشيء وتفصيل معانيه المختلفة لدرجة الخروج من علم أصول الدين إلى علوم الحكمة الخالصة. فالشيء هو الجسم، أي أنه تحديد العام بالخاص، ورجوع إلى درجة أقوى من التجسيم في حين أن كل جسم شيء وليس كل شيء جسما.
51
والشيء هو الموجود، فلا شيء إلا موجود، وهو تحديد للخاص، وهو الشيء في هذه الحالة، بالموجود وهو العام. وإن شئنا تحديد العام بالعام لأن الشيء عام والموجود عام، ولكنها عمومية خاصة، فكل شيء موجود في حين أن كل موجود ليس شيئا.
Page inconnue