286

De la croyance à la révolution (2) : L'Unicité

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Genres

ويظل التوتر بين الوحدة والكثرة قائما. فإثبات الوحدة دون الكثرة تترك قضية المتعلقات والتضاد بلا تأسيس، فالأمر والنهي متضادان، ولهما خاصيتان مختلفتان تقتضيان الكثرة والتعدد. ولو كان الكلام واحدا لاستحال أن يكون أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا ووعدا ووعيدا. إن الاختلاف والتباين يصل إلى درجة التقابل والتضاد وبالتالي إلى اختلاف المتعلقات، ومع ذلك ترجمها الأشعرية بالرغم من اعترافها بالصيغ إلى الصفات الأزلية.

266

فكلام الله في الأزل لا يتصف بكونه أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط التكليف. والأحكام من صفات الأفعال وليس من جانب الصفات الأزلية، هي أوامر ونواة للعباد وليس علما مجردا لله.

267

وإذا كان الكلام أزليا تكون الصيغ كلها أزلية وهو مستحيل. فالأمر يضاف إلى المأمور، والمأمور ليس أزليا. والكلام من غير مخاطب سفه. والخطاب مع موسى غير الخطاب مع النبي، ويستحيل المعنى الواحد أو الأمر الواحد في كلا الخطابين. كما أن الخيربن عن أحوال أمتين مختلفان لاختلاف أحوالهما. والأوامر والنواهي تختلف في أزمنتها وتتحقق في أوقاتها بدليل النسخ، والبراءة الأصلية أو عدم جواز الالتزام بالشرع السابق.

268

لا يعني القول بالتعدد أية مخالفة للإجماع، فلا إجماع في مسائل نظرية عقائدية، ولا إجماع عن اجتهاد أو تأويل. كما لا يعني التعدد الفناء والحدوث في محل وبالتالي يصبح الذي بين أيدينا هو كلام الله أو دليلا على معجزة النبي ولا قرآنا بل يعني أن الكلام متعدد الأوجه، متباين المستويات، مختلف المراحل.

269

إن الاختلاف والكثرة في الأخبار والأوامر لا ترجع إلى العبارات فقط، إذ إنها تطابق المعنى الصحيح. المعاني المختلفة كالمعلومات المختلفة تستدعي علوما مختلفة وإن شملها اسم العلمية. لا يكون التعدد في الصيغ وحدها، بل في المعاني وفي أنماط الوجود ذاتها. ولما سادت الوحدة الصورية الفارغة في شعورنا التاريخي ضاع من وجداننا الحالي روح التعدد والكثرة. وضحينا بالاختلاف والتباين والفروق الفردية حتى وقعنا في الفردية من وراء ستار، الفردية المنعزلة والتناطح بين الأفراد الذين لا تجمعهم قضية واحدة. بل لم تؤد الوحدة الصورية إلى نتائجها الإيجابية فأصبحت وحدة السلطة في الحاكم الأوحد، ووحدة المذاهب في التيار السياسي الأوحد، ووحدة الكيان الاجتماعي في الأسرة الواحدة، والمجتمع الواحد بالرغم من التعارض بين الآباء والأبناء وبالرغم من الصراع بين الطبقات الاجتماعية.

270

Page inconnue