De la croyance à la révolution (4) : La prophétie – La rétribution
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Genres
17
والحقيقة أن تصنيف الملائكة إنما هو تشخيص للوظائف، وتقسيم للعمل والمهام.
فجبريل هو ملاك الوحي الموكل إليه من الله إبلاغ الرسل والأنبياء؛ فهو الواسطة بين الله والنبي، وجبريل أمين الوحي والمأمور بتبليغه، وحامل العلوم، وهو الذي سماه الحكماء العقل الفعال، وما سمته الديانات السابقة الروح القدس، وأحيانا يتناوب العقل الفعال على جبريل واللوح المحفوظ. ونظرا لأهمية كبير الأكابر فقد زادت التفصيلات فيه، من حيث الشكل والمهنة وطريقة الأداء؛ فله ستمائة جناح، ومن ورائها جناحان أخضران ينشران ليلة القدر، واللون الأخضر هو اللون المفضل عند الصوفية والأولياء، مثل العمامة الخضراء والثوب الأخضر والراية الخضراء، وجناحان آخران لا لون لهما وإن كانا إلى السواد أقرب ساعة هلاك القرى؛ تعبيرا عن حالتي الفرح والغضب، والرضا والسخط، أو عن موقفي الخير والشر. وقد يصاغ حوار بين جبريل والمحتضر حول سؤال جبريل أن يموت الميت على الحنيفية السمحة؛ أي الإيمان بالرسالة التي بلغها، وكأنه يزاحم عزرائيل في مهمته، أو يضفي على واقعة الموت دلالة، أو يثبت حرية الإنسان وعقله في آخر لحظة قبل فوات الأوان وانقضاء العمر.
18
وإذا كان جبرائيل هو المعني بالروح فإن ميكائيل هو المعني بالبدن؛ هو ملاك الأمطار والبحار والأنهار، ملاك الأرزاق من المال والبنين، وكل زينات الحياة الدنيا دون أن يكون له فعل في ذلك إلا بمشيئة الله، فكل ما يحدث في الدنيا من رزق هو من مهام ميكائيل، وهو ما يتفق مع الآجال والأرزاق والأسعار بمشيئة الله في آخر أصل العدل. ميكائيل هو أمين الأمطار في بيئة صحراوية تعتمد على المطر وتقوم بصلاة الاستسقاء.
19
أما إسرافيل فموكول باللوح المحفوظ والنفخ في الصور، مع أن اللوح المحفوظ أقرب إلى وظائف جبريل من حيث هو حامل العلوم. أما إذا كان يعني التاريخ ونهاية الزمان، فيدخل في اختصاص إسرافيل، وكيف يكون الصور قرنا من نور به ثقوب، فالنور كيف وليس كما، والنور أشعة، وكيف تكون في الأشعة ثقوب؟ وكيف يكون فيه ثقوب بعدد أرواح من يموت في ذلك اليوم أو منذ بداية الخليقة؟ وهل كل ثقب يخرج صوتا يتجه إلى الميت فيميته أو ينبهه؟ وهل سينفخ في الصور وما زال في الأرض أناس مكلفون؟ ولماذا تنفخ نفختان فقط؟ الأولى يهلك فيها كل شيء، باستثناء سبعة أشياء: العرش، والكرسي، واللوح المحفوظ، والقلم، والجنة والنار، والأرواح؟ والعدد سبعة له مدلوله الرمزي عند القدماء وفي تاريخ الأديان؛ وفي النفخة الثانية تبعث جميع الخلائق؛ من مات من قبل ومن مات في النفخة الأولى. ولماذا يكون بين النفختين أربعون عاما؟ وماذا يكون عليه حال الدنيا في ذلك الوقت المعلوم؟ وفيم الانتظار؟ ولماذا هذا السكون الموحش بين الموت والحياة؟
20
وهل في ذلك نمط قديم عندما كان بين موت المسيح وبعثه أربعين يوما، وفي مصر القديمة بين موت الإنسان وتحلله أربعين يوما، وهو ما هو سائد حتى الآن في مدة الحزن حتى اليوم الأربعين؟ وأخيرا عزرائيل يوكل إليه قبض الأرواح كلها، حتى ولو كانت قملة أو بعوضة أو برغوثا! وهل هي مكلفة حتى تموت وتبعث؟
21
Page inconnue