De la croyance à la révolution (1) : Les prémisses théoriques
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genres
وهو ما حدث أيضا في علوم الحكمة من جعل الحكمة الطبيعية سابقة على الحكمة الإلهية، وجعل الحكمة المنطقية سابقة عليهما معا، أو وضع العلم الطبيعي والعلم الإلهي في علم واحد في تصنيف العلوم.
4
والثاني هو الإعلان المبدئي قبل الانتقال من مبحث الوجود إلى وصف ذات الله بأن الذات لا يمكن تصورها أو إدراكها، وبأن «الله في ذاته» يستحيل معرفته ودون الإقرار في نفس الوقت بأنه سر مجهول؛ «فذات الله» في حقيقة الأمر هو «الله في ذاته»، وكل ما لدينا هو تقريب وقياس، وبذل الجهد العقلي قدر المستطاع بالاعتماد على النقل وعدم الخروج عليه، لا فرق في ذلك بين عقليين ونقليين، بين معتزلة وأشاعرة.
5
وإذا كان «ذات» الله لا يمكن تصوره أو إدراكه، فإنه أيضا لا يمكن الإشارة إليه حتى يمكن أن يتم به تصديق أو تحقق في العلم.
6
ليس هناك شيء في العالم يسمى «ذات الله» يمكن الرجوع إليها أو تكون مقياسا للتحقق وللصدق، وبعبارة منطقية نقول إن «ذات الله» مفهوم بلا ماصدق؛ فهو بحسب تعريفه ليس متعينا في زمان أو مكان، والعلم لا يكون إلا لموضوعات متعينة وإلا كان علما صوريا خالصا لا شأن له بالكثرة، وهو ما لا يمكن استعماله لموضوع «ذات الله» التي هي على اتصال بالعالم من خلال «الصفات والأفعال»، لا يدرس العلم إذن إلا موضوعا موجودا بالفعل وإلا لكان أدخل في الفلسفة التي تدرس التصورات الشاملة أو في علم النفس الذي يدرس نشأة هذه التصورات وتكوينها في الظروف النفسية أو في علم الاجتماع الذي يحلل الظروف الاجتماعية التي تساعد على ظهور مثل هذه التصورات أو في علم تاريخ الأديان لدراسة التصورات المختلفة للموضوعات الدينية حسب الزمان والمكان، والملل والنحل، والشعوب والأجناس، والبيئات الثقافية والحضارات البشرية على مختلف العصور أو في علم الجمال لدراسة التعبيرات الجمالية والشعر الصوفي والفن الديني الذي يعبر عن التصورات المختلفة لله. الحديث عن «ذات الله» إذن خطأ في نظرية الصدق في المنطق القائمة في أحد معاييرها التقليدية على ضرورة تطابق المفهوم مع الماصدق، حتى ولو أمكن إثبات موجود كامل لا متناه يحوي جميع صفات الكمال كيف يمكن إذن الانتقال من عالم الأذهان إلى عالم الأعيان؟ بل إن «الدليل الأنطولوجي» نفسه افتراض محض؛ لأن الانتقال من الفكر إلى الوجود لا يمكن أن يتم نظرا، بل لا يتم إلا عملا من خلال جهد الفرد وفعل الجماعة وتحقيق الأيديولوجية في التاريخ، وتحويل المثال إلى واقع، والإمكانية إلى وجوب.
7
وإذا كان «ذات» الله لا يمكن تصوره أو إدراكه أو الإشارة إليه، فإنه لا يمكن أيضا التعبير عنه لأن اللغة الإنسانية لا يمكن أن تعبر إلا عن التصورات أو الإدراكات أو الموضوعات أو المعاني الإنسانية، كيف يمكن إذن التعبير عن المطلق بلغة نسبية؟ كيف يتم للإنسان التعبير عن شيء لا يقدر على التعامل معه أو ضبطه ولا يمكن العثور له على صياغة؟ الحديث عن «ذات» الله إذن خطأ في تصور وظيفة اللغة، فأي دراسة لموضوع «الله» لا بد وأن تقع بالضرورة في التشخيص لأنه لا يمكن الحديث عن «الله» إلا باستعمال اللغة الإنسانية، وبإعمال الجهد الإنساني والذهن الإنساني، فتصور الله على أنه صانع وعلى أن له أحوالا وصفات، إيجابية أو سلبية، تصور إنساني خالص، وقد تكون لغة الصمت هي أقدر لغة على التعبير عن «ذات» الله هروبا من قضية اللغة.
8
Page inconnue