De la croyance à la révolution (1) : Les prémisses théoriques
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genres
ويصعب جعل الوجود حقيقة واحدة تختلف بالإضافات والقيود والاعتماد على تمايز الماهيات لأن اللغة قادرة على إحداث هذا الاشتراك؛ فلا سبيل لنا إلى المعاني المتميزة إلا من خلال اللغة المشتركة. ولما كان الموجود معنى زائدا على الماهية كان الاتفاق بالوجود والاختلاف بالماهية. الوجود أعم وأشمل وأقرب إلى الأذهان وفهم الناس عن الماهية؛ ومن ثم فلا مناص من اشتراك اللفظ، ولا يقدر على التمييز إلا الحكماء! (1-6) هل الوجود في الذهن أم في الواقع؟
أثبت الحكماء الوجود الذهني؛ لأنهم فلاسفة يجعلون العقل هو الوجود ويعتمدون في ذلك على عدة حجج، منها أننا نتصور ما لا وجود له في الخارج ونحكم عليه بأحكام ثبوتية مثل الاستحالة والعدم، وأن المفهومات كلية والموجودات في الخارج شخصية جزئية، ومن ثم فالكليات تتعلق بالموجودات، وأنه لولا الوجود الذهني لما أمكن أخذ القضية الحقيقية للموضوع وهي الكلية الموجبة أو إعطاؤها أية أهمية. وقد نفى المتكلمون الوجود الذهني لسببين: الأول أن الوجود الذهني يجعل الدهن قابلا للحرارة وللبرودة، والثاني أن حصول حقائق في الذهن مما لا يعقل؛ فهي كلها اعتبارات ذاتية خالصة لا تصف الوجود في شيء.
45
وكثيرا ما نتصور ما لا وجود له.
46
كان الهدف من التمييز بين الوجود العيني والوجود الذهني عند المتكلمين نفي الوجود الذهني والاعتراف بالوجود العيني وحده على أنه الوجود الحقيقي. ويشارك الفقهاء المتكلمين في هذا الإنكار وأنه لا يوجد متحققا في الخارج إلا الأشياء، وأن التصورات والمبادئ والكليات لا توجد إلا في الأذهان دون العيان. كما يدل على أن البناء العقلي الكلامي أو الفلسفي كله لا وجود له؛ إذ لا يوجد إلا الأشياء المتحققة في الخارج. بل إن نظرية العلم كلها أو نظرية الوجود هما بحثان في المبادئ العامة والأمور الكلية وهي بحوث منهجية صرفة وليست إثباتا لوجود عيني.
47
كيف يتم إذن الانتقال من المعرفة إلى الوجود، كيف يتم الخروج من عالم الأذهان إلى عالم الأعيان؟ إذا كان هناك دليل على حدث العالم، فهل المدلول حدث العالم بالفعل أم العلم بحدث العالم؟ والذي لا يخرج من العلم بالحدث إلى المحدث نفسه لا تنقسم المدلولات لديه إلى وجود وعدم أو حدوث وقدم.
48
والحقيقة أن هذه هي قضية المثال والواقع. المثال في الذهن كتصور ونموذج وكبناء مثالي للعالم، ولا يوجد في الواقع إلا بعد تغيير الواقع بالفعل، وتحويل المثال إلى بناء في العالم. فهي ليست مشكلة «الكليات»، المشكلة الأفلاطونية القديمة، في الذهن أم في الواقع ولكنها مشكلة النظام المثالي للعالم قبل التحقق أو بعده. الخلاف إذن بين المتكلمين والحكماء لا معنى له، ومخاطر إثبات الوجود الذهني لا خوف منها. فلا يعني ذلك الشرك، بل يعني إثبات المثال فارغا من أي مضمون، والإبقاء عليه في الذهن دون عملية التحقق. ليس الخوف على التوحيد من الشرك بل الخوف عليه من العجز والموت والصورية، بقاء المثال بلا تحقق، وبقاء الوضع القائم بلا تغيير. (2) الماهية
Page inconnue