De la Croyance à la Révolution (5) : La Foi et l'Action - L'Imamat
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genres
كما أن الوجوب السمعي من حيث أدلة التواتر والإجماع لا يغني عن الوجوب العقلي؛ فالاتفاق مع العقل شرط التواتر، كما أن الإجماع يقوم على رأي الجماعة واجتهاد المجتمعين، وهو ما لا يتم إلا بالعقل. وإن القول بوجوب الإمامة عقلا لا يطعن في وجوبها سمعا بالاعتماد على التواتر والإجماع، أو في وجوبها مصلحة بناء على استقراء أحوال الناس والأمم، ولكن بتضافر الحجج وتكملة بعضها بعضا.
33
ولكن لا يعني ذلك القول بمواصفات معينة للإمام مثل العصمة، أو ضرورتها التي تعادل ضرورة النبوة وتفوقها، أو إيقاف الحدود وإبطال الشريعة في حال غيابه أو عدم ظهوره تقية حتى رجوعه، أو عدم صحة الصلاة إلا بالائتمام به، أو عدم كفاية الوحي ذاته إلا به، فذاك أدخل في صفات الإمام وشروط الإمامة.
34
أما إثبات وجوب الإمامة عقلا عن طريق نقص البشر، وجواز الاختلاف في المذاهب، واحتمال خطأ الاستدلال، فذاك إثبات للعقل عن طريق الطعن فيه؛ فكمال البشر في العقل، واختلاف المذاهب إعمال للرأي، وهو من عمل العقل، وأخطأ الاستدلال نتيجة لإعمال العقل، ويمكن تصحيحها بالعقل.
35
قد تكون الحكمة في رفض وجوب الإمام عقلا هي الإبقاء على المشكلة السياسية، إما مصلحية خاصة، وبالتالي لا بد من القضاء على وجوبها العقلي والسمعي، ونكون أمام إمامة الغلبة والقهر. أما إذا كان القصد الاكتفاء بالوجوب السمعي لحين تقرر السلطة السياسية والدينية من هو الإمام، وبالتالي تتمكن وتفرض الطاعة لأولي الأمر، فإن الوجوب العقلي
36
يصبح ضروريا؛ فالعقل يدل على الوجوب، ويدل عليه مباشرة دون اللجوء إلى اللطف؛ فالوجوب من المعارف الضرورية، والإمامة جزء من المعارف، وهي واجبة على العوام، وأوجب على الخواص؛ واجبة على الجمهور، وأوجب على العلماء. فإذا أمكن تزييف وعي الجمهور، فإن وعي العلماء يند عن هذا التزييف. ولما كان العلماء ورثة الأنبياء، وكان الفقهاء قادة الأمة، فالإمامة أوجب عليهم. الإمامة فرض عين، وليست مجرد فرض كفاية. كل مسلم مسئول عنها ما دام قد بايع. الإمامة حق البيعة، والبيعة على الأمة عوامها وخواصها.
37
Page inconnue