De la Croyance à la Révolution (5) : La Foi et l'Action - L'Imamat
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genres
13
خامسا: العمل
العمل هو البعد الرابع والأخير للشعور بعد المعرفة والتصديق والإقرار، وطبقا لمنطق العلاقات الثنائية والثلاثية والرباعية، فقد ظهرت كلها من قبل في علاقات المعرفة والتصديق والإقرار؛ ففي العلاقات الثنائية العمل دون المعرفة هو نفسه المعرفة دون العمل، والعمل دون التصديق هو نفسه التصديق دون العمل، والعمل دون الإقرار هو نفسه الإقرار دون العمل. وفي العلاقات الثنائية، العمل والمعرفة دون التصديق والإقرار هما نفسهما الإقرار والتصديق دون المعرفة والعمل، والتصديق والإقرار دون المعرفة والعمل والمعرفة والعمل دون التصديق والإقرار، كما أن العمل والتصديق دون المعرفة والإقرار هما نفسهما الإقرار والمعرفة دون التصديق والعمل، وهما نفسهما التصديق والعمل دون المعرفة والإقرار، وهما نفسهما المعرفة والإقرار دون التصديق والعمل. أما العمل والإقرار دون المعرفة والتصديق فهما نفسهما الإقرار والعمل دون المعرفة والتصديق، والتصديق والإقرار دون المعرفة والعمل، والمعرفة والعمل دون التصديق والإقرار. وفي العلاقات الثلاثية، العمل والمعرفة والتصديق دون الإقرار هي نفسها التصديق والمعرفة والعمل دون الإقرار، والتصديق والعمل دون الإقرار. وكذلك العمل والتصديق والإقرار دون المعرفة هي نفسها الإقرار والتصديق والعمل دون المعرفة، وأيضا التصديق والإقرار والعمل دون المعرفة. أما العمل والمعرفة والإقرار دون التصديق فهي نفسها الإقرار والمعرفة والعمل دون التصديق، وأيضا المعرفة والإقرار والعمل دون التصديق. أما العلاقة الرباعية فهي باستمرار واحدة لأنها العلاقة الكاملة، وهي نفسها التصديق والمعرفة والإقرار والعمل، هي نفسها المعرفة والتصديق والإقرار والعمل، ولكن الخلاف فقط في البداية، مرة بالعمل، وأخرى بالإقرار، وثالثة بالتصديق، ورابعة بالمعرفة.
1
ولا يوجد إذن اختيار جديد ممكن في علاقات لم تظهر بعد. ولكن الاختيار الرباعي هو الأمثل؛ لأنه هو الذي يوحد بين أبعاد الشعور الأربعة، فالإيمان هو العمل. والتركيز على العمل رد فعل على جعل الإيمان مجرد معرفة أو تصديق أو إقرار. والحقيقة أن العمل تعبير عن معرفة، كما أن المعرفة تصديق ببرهانها. وكما لا توجد معرفة دون عمل، وإلا كانت معرفة نظرية فارغة جوفاء، فكذلك لا يوجد عمل دون معرفة، وإلا كان عملا أخرق أحمق. العمل لا يقوم إلا على أساس معرفي، وإلا كان عملا آليا غريزيا عضويا صرفا تعبيرا عن مجرد نشاط العضو الحي، بل إن العمل أيضا يغذي المعرفة ويثيرها؛ فالمعرفة قد لا تحصل بالضرورة قبل العمل، بل يمكن أن تنشأ أثناء العمل ومن خلاله، وهي المعرفة التجريبية. فإذا كانت المعرفة قبل العمل عامة فرضية، فإنها تتخصص وتتحقق وتقاس في العمل طبقا لقدراته ومقدار تقبل الواقع لها. وهذا هو أساس الواقعية في التشريع كما بان في «أسباب النزول» وفي «الناسخ والمنسوخ». كما أن العمل أحد مظاهر تخارج المعرفة والتصديق مثل الإقرار؛ فإذا ثبت الإقرار ثبت العمل، فلا عمل بلا إقرار، وإلا كان عملا صامتا سريا أو علنيا بلا كلمة أو إعلان عنه، وكأن الفعل هو الكلمة. ولا إقرار بلا عمل، وإلا كانت الكلمة هي الفعل الوحيد؛ وبالتالي تصبح كلاما أجوف، وخطابة فارغة. لا يوجد إذن عمل بلا إقرار إلا العمل الصامت ، مع أن الإعلان عنه بلاغ للناس، ونوع من العمل والفاعلية من خلال الكلمة. يتحقق العمل بالقول، وليس بالعمل المباشر وحده. وقد يكون وقع كلمة حق في وجه إمام ظالم ثورة فعلية علنية، فيتحول القول إلى فعل، ولكن يظل الفعل في حاجة إلى تنظيم فعلي، وذلك لا يتأتى إلا بالعمل. والعمل تعبير عن وجدان وتحقيق للبواعث، وإلا كان عملا آليا لا يهز الوجود الإنساني ولا ينشد شعرا. العمل إذن ما هو إلا تحقق رابع بعد المعرفة والتصديق والإقرار، بل يمكن القول بأن المعارف العقلية أعمال هي أفعال الذهن، وأن أفعال القلوب أعمال هي أفعال القلب. إذن الأقوال أعمال، وهي أفعال اللسان.
ويتضح ذلك أكثر وأكثر بارتباط الإيمان بالعمل في أصل الوحي، سواء كان عملا صالحا أو عملا فاسدا. وفي هذه الحالة يكون الإيمان قد لبسه الظلم، وكأن العمل هو عدل الإيمان. ويقر العقل أن فعل الواجبات هو الدين، وأن الدين هو الإسلام، وأن الإسلام هو الإيمان؛ وبالتالي يكون فعل الواجبات هو الإيمان. كما يعني الإيمان الصلاة نظرا للتوحيد بين الإيمان والأعمال. وإن قاطع الطريق ليس بمؤمن، أي إن قطع الطريق ليس من الإيمان. كما أن الزاني لا يزني وهو مؤمن نظرا لارتباط الفعل بالإيمان. أما الاعتراض بواو العطف، وبأنه لو كان العمل جزءا من الإيمان لكان الإيمان منافيا للظلم لإخراج العمل من الإيمان، فمردود عليه بأنه لو لم يكن العمل من الإيمان لما صح إطلاق الإيمان على العمل. كما أن الإيمان في الشرع ليس التصديق فحسب، وإلا لما كان بضعا وسبعين شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.
2
ومع ذلك يظل موضوع الإيمان والعمل موضوعا دينيا سياسيا؛ فإخراج العمل عن الإيمان كلية، فلا يضر مع الإيمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة، هو تبرئة للحكام وتجاهل لأفعالهم، والاكتفاء بأقوالهم حتى لا تحاسبهم الأمة، في حين أن إدخال الأعمال كجزء لا يتجزأ من حقيقة الإيمان هو مراقبة على الحكام والمحكومين ومحاسبتهم على أفعالهم. أما جعل الأعمال مجرد أجزاء عرضية للإيمان لا يلزم من عدمها عدمه، أو آثارا خارجية عن الإيمان مسببة له، ويطلق عليها الإيمان مجازا، فهي محاولة لتحقيق نوع من المصالحة بين الخصوم السياسيين، وتظل أقرب إلى رأي السلطة القائمة التي تخرج العمل من الإيمان.
3 (1) ماذا يعني العمل؟
قد يعني العمل فعل الطاعات واجتناب المعاصي؛ أي القيام بالفعل إيجابا أم سلبا. فإذا كان الإيمان إذن فعل الطاعات واجتناب المعاصي يكون الكفر فعل المعاصي واجتناب الطاعات، ولكن هل الإيمان فعل جميع الطاعات واجتناب جميع المعاصي؟ وماذا لو فعل المؤمن بعض الطاعات واجتنب بعض المعاصي أو فعل جميع المعاصي؟ وماذا يكون وضع الإيمان فيما يتعلق بالأفعال في جدل الكل والبعض؟ إذا استحال فعل كل الطاعات واجتناب كل المعاصي فلا ريب أن فعل بعض المعاصي واجتناب بعض الطاعات ممكن، ولكن ماذا تعني الطاعة وماذا تعني المعصية؟ هل الطاعة ما جاء فيها وعد، والمعصية ما جاء فيها وعيد؟ الطاعة حينئذ فعل يقوم على الترغيب، والمعصية فعل يقوم على الترهيب. وهل المعرفة في هذه الحالة فعل طاعة لما كانت أفعال الأذهان مثل أفعال القلوب أفعالا؟ وهل فعل الطاعات يكون فعلا للفرائض والنوافل أم فعلا للفرائض؟ هل هو فعل للحد الأقصى أم للحد الأدنى؟ أم يترك ذلك للقدرات الفردية وللطاقات النوعية؟ وإذا كانت المعاصي كبائر وصغائر، فهل اجتناب الكبائر يساوي اجتناب الصغائر؟ وهل يمكن الإتيان بأفعال تؤدي إلى أفعال طاعة مثل المشي إلى الصلاة في المساجد البعيدة طلبا للثواب، أو المشي إلى الحج سيرا على الأقدام، أم أن أفعال الطاعة إنما تأتي بلا مقدمات وبلا طلب زائد، فالغرض منها تزكية النفس وتقوية الوعي؟ وقد يكون كل ذلك أسماء لغوية أو أسماء شرعية؟ ولما كانت المعاني اللغوية أساس المعاني الاصطلاحية، يظل الموضوع كله في حدود اللغة والعرف.
Page inconnue