De la Croyance à la Révolution (5) : La Foi et l'Action - L'Imamat
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genres
29
فإذا ما ظهر الاتجاه المتشدد في المعارضة يكفر القعدة عن القتال من موافقيهم وكل من لم يهاجر إليهم، وقد يتم امتحان الولاء لهم فيمن هاجر إليهم. ويقتل المخالفون نساء وأطفالا، ويوالى اليهود والنصارى والمجوس دون مخالفيهم من المسلمين، فالعداء بين الإخوة أعتى وأشرس من الخلاف العقائدي بين الأمم. ويستمر الخروج ولا يتوقف إلى نهاية الزمان، فلا مجال للمصالحة أو الاتفاق مع الخصوم. دار السلطة دار كفر ، دار المعارضة دار إيمان، ولا مصالحة بين الدارين، بقاء أحدهما مشروط بفناء الآخر. ولما كان حكم الكفر اغتصابا، فإن حكم الإيمان قادم لا محالة، وذلك مرهون باستمرار الخروج والثورة. وارتكاب الكبيرة من موافقيهم كفر، والشك في أقوالهم خاصة بعد موت القائلين بها كفر. فالأخذ بالشدة تقوية للصفوف وشحذ للعزيمة وشرط للنصر، لدرجة قتل المؤمن الأسير من مخالفيهم وإلا قتل!
30
وإذا ظهر الاتجاه الأقل تشددا والأكثر لينا، رغبة في المصالحة والحفاظ على وحدة الأمة، وهو ما يكشف عن تكوينه الإنساني العادي، واتجاه الآراء والمذاهب في المجتمعات، فقد لا يتم التبرؤ ممن يرجع عن رأيه. وقد لا يحدث اعتراض بالسيف على الناس، بل قتال للحكام الذين يكونون فقط من أئمة الجور. وقد يحدث القتال بالسيف وبغيره، أي بشتى وسائل المقاومة، لمنع أئمة الجور وإبعادهم عن الحكم، والتفريق بين عسكر السلطان ورعيته المغلوبة عن أمرها. فإذا كان عسكر السلطان دار حرب فإن الرعية المغلوبة على أمرها دار أمان. ولا يؤخذ «المدنيون» بجريرة العسكريين؛ فالمخالفون كفار وليسوا مشركين، لا تجوز مناكحتهم وغنيمة أموالهم وسلاحهم وكراعهم إلا في حالة الحرب وحدها دون وقت السلم. يمكن استتابتهم من تنزيل أو تأويل فيما يسع جهله أو غيره. لا يتبع المدبر منهم في الحرب، ولا يقتل منهم امرأة أو طفل. سبيهم في السر غيلة لا يتم إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة، دماؤهم في السر حرام، وفي العلن حلال. وقتل الأبوين حرام في دار التقية ودار الهجرة.
31
وقد يتحول العداء في الموقف إلى عداء مبدئي، كما يتحول العداء للآخر إلى عداء للذات، إلى كراهية النفس والتقتيل لها، كما يتحول تكفير الناس إلى كفر بالنفس وزهق من العيش وكفر بالحياة، ويتحول الموقف من صراع سياسي في البداية إلى أزمة نفسية في النهاية، مثل الجماعات الإسلامية المعاصرة، ثورة على الناس، وكراهية للعالم، ورفض للمجتمعات، ورغبة في القيادة دون جماهير، وحب في الاستشهاد. وعلى هذا النحو يسهل تشويه صورتهم دون فهم سلوكهم، فيضيع الهدف الأول وهو القضاء على أئمة البغي، وتنشأ أهداف فرعية مثل الانتقام من الناس وتدمير كل شيء، حتى ينتهي الأمر إلى تدمير النفس. ويصل الأمر إلى قتل الأسرى، وحرق الخصوم، واستحلال كل شيء، ما دام في ذلك تفريج عن النفس وتخفيف عن الهم؛ فرؤية النار تخفف عمن يحترق بها. ولن تسلم النساء من السبي، ولا الأطفال من القتل. وما دام الأمر كذلك سهل على خصوم الأمة تقوية هذا التدمير للآخر وللنفس. وتنتهي الثورة بأن تفرغ من مضمونها، ويلحق الثائر بالنور الأعلى، ويغرق في الوهم.
32
ولعبت التناقضات الرئيسية على التناقضات الثانوية، وأطلت الشعوب المغلوبة برأسها من جديد تناصر فريقا على فريق، وتزيد النار جذوة، والقتال اشتعالا.
33
ولا فرق في ذلك بين المعارضة العلنية الانفعالية في الخارج والمعارضة العقلية في الداخل، كفر بالآخر وكفر بالنفس.
Page inconnue