De la croyance à la révolution (3) : La justice
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
207
وما دام الأمر لا يتعلق بخلق الشيء من عدم، بل بتغيير بناء الواقع، فإن عدم قدرة الإنسان على إعادة الشيء بعد إن لم يكن لا يثبت أنه غير قادر على الفعل. وما دام الفعل الإنساني يتحقق في حدود الطاقة، فإن خلق الشيء أو إعادته ليس مثلا للفعل المقصود، وهو الفعل الذي يهدف إلى تغيير في البناء الاجتماعي. الفعل المقصود هو الفعل الإنساني لا الفعل الطبيعي.
208
لا يرجع الفعل الإنساني إلى الوراء، بل يسير في اتجاه واحد لا عن طريق النكوص. النكوص غياب للفعل وليس إحداثا للفعل. ولكن إذا توافر القصد والداعي فإن الفعل لا ينكص من تلقاء نفسه. وعدم القدرة على النكوص لا تعني استحالة التطور.
209
تحدث القدرة إذن أثرا في الوجود بمعنى تغيير في بناء الواقع وليس بمعنى أنها خالقة للوجود أو محدثة له، بل مجرد فاعلة فيه. وهي قدرة من الذات، من فعل الذات في العالم وليس مجرد انتظار فعل في نفسها. ولا يعني فعل القدرة في العالم وتعلقها بالوجود أنها قادرة على خلق الوجود أو إعدامه أو على قلب قوانينه أو عكسها، بل يعني أنها قادرة على تغيير البناء الاجتماعي للواقع. ليس الوجود هو الوجود المادي، بل الوجود الإنساني الاجتماعي. وإذا كانت القدرة تعبر عن طاقة الإنسان ومداها فإن هذه الطاقة تسري في البناء الاجتماعي للواقع لا في الوجود المادي له.
210
والبناء الاجتماعي للواقع هو ما أطلق عليه صفة الوجود. ولما كانت القدرة هي المؤثرة في البناء الاجتماعي للواقع كانت الصفات التي يختلف بها موجود عن آخر متعلقة بالقدرة. وإنكار أثر القدرة في الوجود وتعلقها بالصفة هو إنكار للفعل على الإطلاق. وما وجه الصلة بين القدرة ومقدورها إن كانت غير مؤثرة فيه؟ إن إلغاء أثر القدرة في الوجود إن هو إلا وسيلة لإرجاع الأثر إلى قدرة أخرى خارجية هي قدرة المؤله المشخص.
211
ولا يوجد ارتباط ضروري بين الوجود والصفة. وإذا وجد الوجود وجدت الصفة، وإذا وجدت الصفة وجد الوجود؛ لأن الموجود قد يوجد بلا صفة قائمة إذا لم يحدث عليه تأثير من قدرة. ولكن الموجود باق، والواقع قائم تتراءى عليه الصفات وتتبدل.
Page inconnue