De la croyance à la révolution (3) : La justice
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
إن إثبات الاستطاعة مع الفعل بحجة أن العلة لا تكون إلا مع معلولها لا قبلها غير صحيح؛ لأن العلة تكون موجودة قبل معلولها. والإنسان هو الذي يسبب فقط اتصال العلة بالمعلول. العلة باقية قبل المعلول، كما أن الاستطاعة باقية قبل الفعل. ولا يعني ذلك تقدمها المطلق وبقاءها الأبدي بل هو بقاء مشروط بحياة الإنسان وبقدرته على الفعل، قدرته البدنية والنفسية والذهنية وحضور الباعث ووضوح الفكر والغاية وإمكانية العمل الحركي.
166
فإن قيل: لما كانت الدلالة مقارنة للمدلول، وصحة الفعل دلالة على القدرة كانت القدرة مقارنة للمقدور، يكون المثل هنا مختلفا في حالة الكسب؛ فليست كل دلالة مقارنة للمدلول بل قد تكون متقدمة عليه، فدلالة الغمام سابقة على وجود المطر.
167
أما القول بأن القدرة قدرة على شيء، ومن ثم لزم كونها مع الفعل لا سابقة عليه فإنه يكون إنكارا للتفرقة بين الممكن والواقع، بين القوة والفعل. صحيح أن القدرة قدرة كل شيء ولكن قد تكون هذه القدرة ممكنة وليست قائمة بالفعل؛ فالقادر على الحركة قادر عليها وإن لم يتحرك، والقادر على الكلام قادر عليه دون أن يتكلم. ولا يتم الفعل فجأة بناء على قدرة مخلوقة فجأة وإلا كان الإنسان يسير في هذا العالم نطاطا! وكيف يمكن تصور الفعل الإنساني معدوما إلا إذا حلت فيه القدرة فتجعله موجودا وكأن الإنسان قطعة من جماد لا تدب الحياة فيه إلا إذا لاحقته القدرة على دفعات كطلقات رصاص!
168
وهناك فرق بين القدرة والباعث؛ فالقدرة سابقة على الفعل ولكن الباعث أو السبب هو الذي يجعل الفعل يتحقق في هذه اللحظة أو في تلك. كما أن الغاية باقية بعد الفعل، يصب فيها الفعل بعد أن يتحقق.
169
والقول بأن الفعل يحتاج عند الصحة إلى أمر يحتاج بدوره عند الوقوع إلى أمر متجدد؛ وبالتالي يحتاج الفعل إلى قدرة متجددة كما هو الحال في الكسب غير صحيح، لا في حالة المشبه به ولا في حالة المشبه؛ فطلب تكرار الأمر عند كل فعل مستحيل عملا وغير وارد نظرا. يصدر الأمر مرة واحدة. وما لم يأت أمر آخر بإلغائه أو بأمر آخر بديل لظل الأمر الأول سائر المفعول كما هو الحال في الواجبات الشعرية وفي التكليف بوجه عام. وهل يحتاج كل فعل إنساني لكل فرد من أفراد البشر إلى أمر متكرر يصدر لكل فعل ولكل فرد، وكأن العالم هو مجموعة من الأفراد وسلسلة من الأفعال لا رابط بينها، وكأن الاستغراق والكليات لا وجود لها في الحياة الإنسانية. وبالرغم من أن التمثيل واقع في الحياة الإنسانية بدليل اعتماد الحجة عليه إلا أنه يخطئ في الجمع بين أمرين. فالصحة والأمر لا جامع بينهما. وحتى لو صح التمثيل فالمؤله المشخص، وهو الكامل، لا يحتاج إلى إصدار أمر متكرر، فعلمه علم كلي كما يقتضيه كمال العلم بالنسبة للعلم الإنساني الجزئي. ولو احتاج إلى تكرار الأمر لوجب قدم الإرادة ومن ثم قدم العالم. وكيف تتعلق الإرادة بالنواهي في حين أن الإرادة لا تتعلق بنفي؟ هذا يدل على أن الأمر الأول لا يحتاج إلى أمر زائد متجدد.
170
Page inconnue