De la croyance à la révolution (3) : La justice
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
24
وكون الشكر عادة لا يعني غياب أي أساس عقلي له؛ فاختلاف العادات لا يعني اختلاف معانيها. التجربة الإنسانية واحدة بالرغم من اختلاف ظروفها.
25
إن إنكار الشكر قد يضع الإنسان أيضا في علاقة آلية مع الغير ومع مبادئه، ويتحول إلى مجرد آلة لتنفيذ الأحكام. وقد يحتاج الإنسان أحيانا إلى الاعتراف بالفضل والجميل كنوع من الاعتراف بالحق تقوية للعزيمة واستمرارا للفعل الحر؛ لذلك لا تثار القضية في الجبر لأن الله خلق العالم اضطرارا لا لغرض، جلب نفع أو دفع ضرر، وكأن الله خلقه بلا غاية منه أو فيه.
سادسا: تنزيه الله عن فعل القبائح
إذا كانت الواجبات العقلية مثل الخلق والتكليف وشكر النعم واجبات من جانب الإنسان، فقد تمتد الواجبات العقلية فتشمل أيضا الله؛ نظرا لأن لفظ الوجوب يطلق على الإنسان والله معا، على الوجوب الأخلاقي والوجوب بمعنى واجب الوجود. بل إن الواجب العقلي الأول، أي الخلق والتكليف، يصعب الحكم عليه، هل هو واجب إنساني أم واجب «إلهي». فالله هو الخالق وهو المكلف والإنسان هو المخلوق وهو المكلف. والواجب الإنساني، شكر المنعم، يصعب التمييز فيه أيضا بين الإنسان وهو الشاكر، وبين الله وهو المشكور؛ فالشكر فعل مشترك بين الشاكر والمشكور وإلا كان هناك جحود ونكران.
وهناك واجبات عقلية أخرى يتضح فيها هذا التوتر بين الجانبين، جانب الله وجانب الإنسان، وذلك مثل تنزيه الله عن فعل القبائح والشرور والآثام والمعاصي، وتبرئته عن فعل الظلم. وكيف يمكن إضافة القبائح إلى الله؟ كيف يمكن تجويز الظلم والجور عليه؟ إن لم تكن هناك واجبات عقلية، فما هو الطريق إلى تنزيه الله عن فعل القبيح؟ تجمع الأمة على أن الله لا يفعل القبيح ولا يترك الواجب، ولكن الخلاف في الأساس والتصور. هل يرجع ذلك إلى ذاته وصفاته، فهو الحاكم يفعل ما يشاء في حكمه، وملك يفعل ما يريد في ملكه، أم لأن ذلك حكم العقل رعاية للصلاح والأصل وإعمالا للغائية والعلية وتعويضا عن الآلام أو على أقل تقدير لطفا بالعباد؟ التنزيه الأول يرجع إلى طبيعة الذات، في حين أن التنزيه الثاني يرجع إلى مصالح العباد. الأول مفروض من جانب الله، والثاني مفترض من جانب الإنسان. (1) هل الله خالق الخير والشر؟
إن أول طريق لتنزيه الله عن فعل القبائح يرجع إلى أن الله خالق كل شيء، يفعل ما يريد، فلا واجب عليه ولا قبيح في فعله. وذلك راجع إلى طبيعته وذاته. هو مالك كل شيء، يتصرف في ملكه كما يشاء. لا يوجد مقياس لفعله ولا حكم بأمر ولا بنهي.
1
ولكن ألا يضل المالك؟ أليس له من يراجعه؟ ألا يوجد مقياس موضوعي آخر عن عقل أو طبيعة أو جماعة، من مصلحة أو مفسدة؟ وهل العالم مملوك أم هو موجود؟ هل يقع العالم في مقولة الملكية أم في مقولة الوجود؟ ألا يؤدي ذلك إلى الجبر المطلق وبالتالي يرجع موضوع الحسن والقبح إلى الموضوع الأول وهو خلق الأفعال؟ أليس في ذلك إثبات للقبح كحق للمالك دون تبرئته منه؟ وكيف يكون الله مسئولا عن الشر والآثام والظلم والقبائح التي لا يمكن نفيها وإن أمكن تبرئة الذات منها؟ وهل يتم حل قضية، وهي قضية تنزيه الله عن فعل الشرور، بخلق قضية أخرى وهي الوقوع في القضاء والقدر وإنكار الشرور في العالم عن طريق هدم خلق الأفعال الذي تم إثباته أولا في الشق الأول من أصل العدل؟ إن قبول كل شيء من الله هو قضاء على خلق الأفعال والحسن والقبح معا لأنه إنكار لمسئولية الإنسان عن الشر وجعل الله مسئولا عنه. كما أنه إنكار للشر ليس لأنه نقص في الخير في الإدراك الإنساني، ولكن تبرئة لله منه عن طريق نسبة كل شيء إليه؛ وبالتالي محو التفرقة بين الخير والشر والتمييز بين الحسن والقبح.
Page inconnue