فإن قال قائل : لابد من رعاية النظم بين أجزاء الكلام ، وهاهنا ذكر أنه تعالى يولد الإنسان من النطفة فقال : (الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق ).
ثم ذكر بعده أنه (علم الإنسان مالم يعلم).
فأى مناسبه بين هذين الامرين ؟
الجواب : أن اخس مراتب الإنسان وأدناها : العلقة ، وذلك لأنه يستقذرها كل أحد.
وأعلى المراتب وأشرفها : كون الإنسان عالما محيطا بحقائق الأشياء ، كأنه قال : عبدى ، تأمل إلى أول حالك حين كنت علقة،
وهى أخس الأشياء : وإلى آخر حالك حين صرت ناطقا عالما بحقائق الأشياء ، وهو أشرف المراتب ، حتى يظهر لك أنه لا يمكن الإنتقال من تلك الحالة الخسيسة إلى هذه الدرجة الرفيعة الشريفة إلا بتدبير أقدر القادرين ، وأحكم الحاكمين ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون.
* * *
الوجه الثانى :
أنه تعالى مدح المؤمنين فى سورة البقرة من أول السورة إلى قوله :
(أولئك هم المفلحون). وذم الكافرين فى آيتين : أولهما قوله : (أن الذين كفروا) إلى قوله : (ولهم عذاب عظيم).
Page 22