وسأله في صحبته فرد عليه المائة ألف وكتب إليه بأبيات:
أَبلِغ سُلَيمانَ أَنّي عَنهُ في سَعَةٍ ... وَفي غِنى غَيرَ أَنّي لَستُ ذا مالِ
سَخِيٌّ بِنَفسي أَنّي لا أَرى أَحَدًا ... يَموتُ هُزلًا وَلا يَبقى عَلى حالِ
فَالرِزقُ عَن قَدرٍ لا العَجزِ يُنقِصُهُ ... وَلا يَزيدَكَ فيهِ حَولَ (٢٨) مُحتالِ
وَالفَقرُ في النَفسِ لا في المالِ تَعرِفُهُ ... وَمِثلُ ذاكَ الغِنى في النَفسِ لا المالِ (٢٩)
١٠٦ - وأخرج أبو نعيم في (الحلية) عن محمد بن وهيب بن هشام قال: أنشدني بعض أصحابي لابن المبارك رحمه الله تعالى:
كُلِ الجاوُرسَ (٣٠) وَالأَرُزَ ... بِالخُبزِ الشَعيرِ
وَاِجعَلَن ذلِكَ طَعامًا ... تَنجُ مِن حَرِّ السَعيرِ
وانأى ما استطعت هدا ... ك الله عن باب الأمير (٣١)
١٠٧ - وأخرج أبو نعيم في (الحلية) عن أحمد بن جميل المروزي قال: قيل لعبد الله بن المبارك ﵁ وأرضاه أن إسماعيل بن علية قد ولي الصدقات فكتب إليه ابن المبارك:
يا جاعِلَ العِلمِ لَهُ بازِيًا ... يَصطادُ أَموالَ المَساكينِ
اِحتَلتَ الدُنيا وَلَذّاتَها ... بِحيلَةٍ تَذهَبُ بِالدَينِ
فَصِرتَ مَجنونًا بِها بَعدَما ... كُنتَ دَواءً لِلمَجانينِ
أَينَ رِوايَتُكَ في سَردِها ... لِتَركِ أَبوابِ السَلاطينِ
أَينَ رِوايَتُكَ فيما مَضى ... عَنِ اِبنِ عَونِ وَاِبنِ سيرينِ
إِن قُلتُ أُكرِهتُ فَذا باطِلٌ ... زَلَّ عَمّارُ العِلمِ في الطينِ
قال: فلما قرأ الكتاب بكى واستعفى (٣٢).
_________
(٢٨) أي احتيال المحتال.
(٢٩) أورد هذا الخبر: ياقوت الحموي (١١/ ٧٥ - ٧٦) في معجم الأدباء، والزبيدي (ص/٤٧) في طبقات النحويين، والقفطي (١/ ٢٤٤) في إنباه الرواة.
(٣٠) الجريش: الخبز الغليظ الخشن.
(٣١) أورده الذهبي (٨/ ٤١٤ - ٤١٥) في السير، وفي سنده إلى ابن المبارك، الكديمي، وهو ضعيف.
(٣٢) أخرجه ابن عبد البر (ص/٢٥٧ - ٢٥٨) في جامع بيان العلم، وأورده الذهبي (٨/ ٤١١ - ٤١٢) في السير، وابن الجوزي (٤/ ١٤٠) في صفوة الصفوة.
1 / 68