فإذا كان الإسلام بمعنى التسليم والانقياد ظاهرا موضع الاشتراك، فهو المبدأ. ثم إذا كان الإخلاص معه بأن يصدق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويقر عقدا بأن القدر خيره وشره من الله تعالى؛ بمعنى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ كان مؤمنا حقا، ثم إذا جمع بين الإسلام والتصديق، وقرن المجاهدة بالمشاهدة، وصار غيبه شهادة؛ فهو الكمال، فكان الإسلام مبدأ، الإيمان وسطا، والإحسان كمالا، وعلى هذا شمل لفظ المسلمين: الناجي والهالك.
وقد يرد الإسلام وقرينه الإحسان، قال الله تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ ١ وعليه يحمل قوله تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا﴾ ٢ وقوله: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾ ٣ وقوله: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِين﴾ ٤ وقوله: ﴿فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ٥ وعلى هذا خص الإسلام بالفرقة الناجية، والله أعلم.
٢- أهل الأصول المختلفون في التوحيد، والعدل، والوعد، والوعيد، والسمع، والعقل:
نتكلم ههنا في معنى الأصول والفروع، وسائر الكلمات.
قال بعض المتكلمين: الأصول: معرفة الباري تعالى بوحدانيته وصفاته، ومعرفة الرسل بآياتهم وبيناتهم، وبالجملة: كل مسألة يتعين الحق فيها بين المتخاصمين فهي من الأصول. ومن المعلوم أن الدين إذا كان منقسما إلى معرفة وطاعة، والمعرفة أصل والطاعة فرع، فمن تكلم في المعرفة والتوحيد كان أصوليا، ومن تكلم في الطاعة والشريعة كان فروعيا، فالأصول هو موضوع علم الكلام، والفروع هو موصوع علم الفقه. وقال
_________
١ البقرة آية ١١٢.
٢ المائدة آية: ٣.
٣ آل عمران آية ١٩.
٤ البقرة آية ١٣١.
٥ البقرة آية ١٣٢.
1 / 41