وتلمد ذله أبو موسى المردار راهب المعتزلة، وانفرد عنه بإبطال إعجاز القرآن من جهة الفصاحة والبلاغة، وفي أيامه جرت أكثر التشديدات على السلف لقلوهم بقدم القرآن، وتلمذ له الجعفران، وأبو زفر، ومحمد بن سويد صاحبا المردار، وأبو جعفر الإسكافي، وعيسى بن الهيثم صاحبا جعفر بن حرب الأشج.
وممن بالغ في القول بالقدر: هشام بن عمرو الفوطي، والأصم من أصحابه، وقدحا في إمامة علي ﵁ بقولهما: إن الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم. والفوطي والأصم اتفقا على أن الله تعالى يستحيل أن يكون عالما بالأشياء قبل كونها، ومنعا كون المعدوم شيئا.
وأبو الحسين الخياط، وأحمد بن علي الشطوي صحبا عيسى الصوفي، ثم لزما أبا مجالد.
وتلمذ الكعبي لابي الحسين الخياط، ومذهبه بعينه مذهبه، وأما معمر بن عباد السلمي، وثمامة بن أشرس النميري، وأبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، فكانوا في زمان واحد متقاربين في الرأي والاعتقاد، منفردين عن أصحابهم بمسائل نذكرها في موضعها. والمتأخرون منهم أبو علي الجبائي، وابنه أبو هاشم، والقاضي عبد الجبار، وأبو الحسين البصري؛ قد لخصوا طرق أصحابهم، وانفردوا عنهم بمسائل ستأتي.
أما رونق الكلام فابتداؤه من الخلفاء العباسيين: هارون، والمأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل؛ وانتهاؤه من الصاحب بن عباد وجماعة من الديالمة.
وظهرت جماعة من المعتزلة متوسطين، مثل ضرار بن عمرو، وحفص الفرد، والحسين النجار، ومن المتأخرين خالفوا الشيوخ في مسائل، ونبغ منهم جهم بن صفوان في أيام نصر بن سيار، وأظهر بدعته في الجبر بترمذ١، وقتله سالم بن أحوز المازني في آخر ملك بني أمية بمرو٢.
_________
١ ترمذ: قرية ببخارى.
٢ مرو: بلد بفارس.
1 / 30