[ 4/1] التوضؤ به ولا شربه. هذا إذا غلب على الظن بعلامة متعلقة بعين الشيء, فإن كانت الغلبة ناشئة عن كثرة متعلقة بالجنس فهل ينتقل من الأصل؟ فيه خلاف. فمن الناس من يقدم الأصل لضعف الغلبة الناشئة عن الكثرة, وقال آخرون الغالب مقدم, ثم طول في توجيه القولين, ثم قال: والصحيح عندنا التمسك بالغالب إلا في كل موضع يلزم منه حرج أو إضاعة مال محترم. فإذا انقضت الضرورة أودعت الحاجة إلى التمسك بالأصل فعلناه وأعرضنا عن الغالب. والدليل عليه كتاب الله تعالى وعمل الماضين, قال الله سبحانه: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم. ولا يخفى أن أهل الكتاب لا يتوقون النجاسات ولا يعتبرون في التطهير الماء المطلق, فأطعمتهم لا تنفك عن ذلك, ولا يلزم من اجتنابها ضرر وحرج, فتمسك بالأصل لذلك. وأما العمل فقد نقل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم القدوة والأسوة, أنهم كانوا يخوضون طين المطر ويصلون ولا يغسلونه, وكذلك نقل عن مالك عن السلف لقلة الحاجة إلى ذلك. وكان مالك يكره سؤرة النصراني في الماء دون الطعام, واعتل بخفة القاء الماء ويسارة أمره. ولولا أنه التفت إلى الحاجة لما أباح سؤرة من الطعام. وكذلك قال في الدجاج والأوز المخلات, وهي جلالة(¬1) بغلب إصابة النجاسة, وإن شربت من ماء أريق, وإن شربت من لبن أو أكلت من طعام شرب اللبن وأكل الطعام. انتهى موضع الحاجة من هذا الكلام, وفيه فوائد ما نقل من الفقه معروف من غيره, وقد اختصرت بعضه لطوله .
Page 3