Le Micyar
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب
Genres
قلت: هذا الكلام الذي نقل ابن شاس عن ابن العربي لم أره بعد مطالعة عدة من تواليفه كثيرة, وابن شاس رحمه الله عدل ثقة عارف, والجواب أن تقول: مراد القاضي المقلد الذي ذكرنا أخيرا أنه لم يصل إلى رتبة الذي فوقه, ويدل على هذا التفسير نقل غيره من الأيمة. قال القاضي عياض رحمه الله في أول كتاب الأقضية من التنبيهات: لا ينعقد لغير العالم
[104/1] تقديم مع وجود العالم المستحق لكن رخص فيمن لم يبلغ رتبة الاجتهاد إن عدم من يبلغها. ومع كل حال فلابد وأن يكون له علم ونباهة وفهم بما يتولاه, وإلا لم يصح له أمر. انتهى مختصرا. وأبين من هذا قول ابن عبد السلام في شرحه لابن الحاجب: لا ينبغي أن يتولى في زماننا هذا من المقلدين من ليس عنده قدرة على الترجيح بين الأقوال, فإن ذلك غير معدوم وإن كان قليلا . وأما مرتبة الاجتهاد في المغرب فمعدوم. وقال قبل هذا ينبغي أن يختار أعلم المقلدين ممن له فقه نفس وقدرة على الترجيح بين أقاويل أهل مذهبه, ويعلم منها ما هو أجرى على أصول إمامه مما ليس كذلك. وأما إن لم يكن بهذه المرتبة فيظهر من كلام الشيوخ اختلاف بينهم هل يجوز توليته انتهى.
[نظر المفتي أعم من نظر القاضي]
قلت: ومن باب الأولى أن يختار للفتوى من هو بهذه الصفة, فإن نظر المفتي أعم من نظر القاضي. ثم الحجة في المسألة ما حرر ابن رشد في أجوبته لما سئل عنا فقال: من يتميز عن العوام بالمحفوظ والمفهوم أقسام, قسم قلد مذهب مالك وحفظ أقواله وأقوال أصحابه ولم يتفقه في معانيها ولا ميز صحيحها من سقيمها, فهذا لا تصح فتواه بما حفظ من قول إمام أو صاحب إذ لا علم عنده بصحة شيء من ذلك, ولا تصح الفتوى بمجرد التقليد من غير علم, ويصح له إن نزلت به نازلة ولم يجد من يستفتيه أن يعمل فيها بقول مما حفظه فيها ويتنزل ذلك الغير منزلته هو.
Page 138