قد بايع الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك، فرضي وسلم ولم يخالف ولم ينكث (1) ثم جعله عمر سادس ستة فرضي وسلم. ثم كان من أحداث عثمان، وأمر الناس فيه ما قد علمت، وكنت أنت أشد الناس فيه قولا، وأكثرهم عليه تحرضا.
ثم بايعه طلحة والزبير والناس، وأتتنا كتبهم بذلك فرضينا وبايعنا، فما الذي بدا لكم؟! فلم يكن عندها شيء أكثر من أن قالت لهما: القيا طلحة فهذا كلام من خالفه [وهو] يدل على تهمة قائله وخطئه، من قولها: «أتينا نصلح بين الناس» والناس على هدوء وسكون، وسبيل استقامة وطاعة في مصرهم وما بينهم، فلما دخلوا المصر؛ أو غروا الصدور، وشتتوا الكلمة وعصبوا القبائل، ودعوا إلى خلاف ابن أبي طالب، وقتلوا السبابجة وغيرهم من أهل السوابق والفضل.
فتدبروا أفاعيلهم تجدوها ناقضة لأقاويلهم، منبهة لهم على مرادهم وبغيتهم.
فهذه أحوالهم قد كانت مكشوفة لأهل الفطنة والمعرفة، ثم انكشفت لأهل التقليد والحيرة ممن لم يكن له معرفة عند انكشاف الحق، وحين وضعت الحرب أوزارها ازداد أهل الإيمان والمقتدون بالإمام بصيرة ويقينا، ورجع المفرطون إلى التلهف والأسف والندامة، وارتهن الماضي منهم بعمله، وتبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب/ 16/ ينقلبون.
فارجعوا رحمكم الله إلى الأخذ بما تعرفون، واعرفوا للفاضل فضله، وللمحق حقه، تكونوا في حزبه، فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين.
Page 58