Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Genres
قوله: على أن معرفة شبيها يقوم مقام معرفتها قد ذكر الأصحاب أن المكلف به إن كان مبتدأ لا علاقة له بغيره كالإرادات والكراهات والأنظار فإنه لايكلف به حتى يعلم صفته وإن كان له تعلق بغيره لامن حيث أنه مولد له وجب العلم أيضا بصفة المكلف به كتكليفنا بالأخبار عن كون زيد في الدار فإنه لايحسن تكليف أحد به حتى يعلم صفة خبره وأنه مطابق وذلك بأن يحصل له العلم بكون زيد فيها، وإن كان لما كلفه تعلق بغيره من حيث أن ذلك الغير مولد له فإن كان المكلف به مسبباص عنه غير مبراح كالتأليف مع الكون فإنه لايصح التكليف به حتى يعلم صفته أيضا، وإن كان المكلف به مسببا متراخيا عن سببه فإن أمكن معرفة المسبب فلا بد من العلم به قبل التكليف كإصابة السهم وإن كان العلم بصفته غير ممكن كانت معرفة سببه تقوم مقام معرفته كمسألتنا هذه فإنه لايمكن معرفة صفة المعرفة قبل حصولها فكفى معرفة صفة سببها.
وقد ذكر ابن متويه في التذكرة أن الذي يكلفه من الأفعال ينقسم إلى ما يكلف به، وإن لم يعلم صفته وهو العلم فيكفي في تكليفنا به علمنا بالنظر وإلى ما لابد من معرفة صفته قبل فعله ليصح التكليف به، وهو سائر مقدورات القدر وقد حكى بعض أصحابنا جوابا للغزالي عن أصل الشبهة وهو أنا قبل العلم به تعالى لانكلف العلم وإنما تكليفنا في الابتداء متعلق بتحصيل النظر ثم إذا ولد العلم كلفنا بعد ذلك بتحديد ذلك العلم، وقد علمنا صفته قال: وما ذكره غير صحيح لأنا لم نكلف بالنظر إلا لتحصل لنا به المعرفة الواجبة فلو لم يجب علينا المعرفة في الابتداء لم يجب علينا النظر، وهو صحيح على قاعدة العدلية لكن الغزالي بنى على أصله أن الواجب لايجب إلا سمعا، وأن المعرفة لم تجب إلا سمعا، والنظر لم يجب إلا سمعا لا لأجل وجوب المعرفة فيصح على ذلك القول بأن السمع أوجب النظر أولا ولم يوجب المعرفة.
Page 153