Mémoires d'un témoin du siècle

Malek Bennabi d. 1393 AH
83

Mémoires d'un témoin du siècle

مذكرات شاهد للقرن

Chercheur

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

Lieu d'édition

دمشق - سورية

Genres

في تلك الفترة- على ما أذكر- تعرفت على الشيخ (حَمّ العيد) شاعرنا الكبير فيما بعد، الذي ترك حلقة أستاذه مزوَّدًا ببضاعة تقليدية مسيَّسة politisé بشعور عالمٍ وطني هو عبد الحميد بن باديس. هذا العلم ذوالنفحة السياسية جاء مع بعض الباديسيين أمثال (حَمّ العيد) و(الهادي السنوسي) مؤلف كتاب (مختارات من الشعر الجزائري) و(خباش) وآخرين، ليتصل في مقهى بن يمينة بالتيار الناشئ في المدرسة نفسها. وأعتقد أن هذا اللقاء قد شكل تمهيدًا تاريخيًا إن لم يكن رسميًا للذي أضحى حركة تجديد من ناحية وحركة وطنية من ناحية أخرى. كان في المدرسة مجدّون لا يهمهم غير دروسهم، هؤلاء عدول المستقبل أو أي شيء آخر، يلمحون من بعيد وظيفتهم في الإدارة. وكان كذلك الحالمون يبنون قصورًا في إسبانيا، وآخرون يهتمون بقص شعورهم على آخر طراز؛ أما صالح حليمية فكان فريقًا وحده، كان شرهًا شراهة جعلته يعاني بصورة مستمرة آلام الأمعاء وسوء الهضم. وكنت من الفريق الذي يقرأ كل شيء إلا محاضرات المدرسة، وأذكر أنه في تلك السنة كانت لي هوايتان: فمحاضرات الشيخ (بن العابد) أستاذ الشريعة الإسلامية تأتي بانتظام من الساعة الحادية عشرة حتى الظهر. وكنت أثناءها أرسم بانتظام رأس الشيخ إلى أن يأتي جرس عميمي الشاوش في باحة المدرسة، فيؤذننا بساعة الانصراف والإسراع إلى مطعم (بوكاميه) الذي بدأ يتخذ شكلًا حسنًا، بفضل الدراهم التي تدخل إليه في نهاية كل شهر من المدرسة. أما هوايتي الأخرى خلال الفرصة بين الدروس فهي أن أبقى في الصف، هناك خارطة حائط كبيرة للصحراء، كنت أتسلق كرسيًا وأتابع الخارطة باحثًا عن طريق للوصول إلى (تمبوكتو). كانت هذه الهواية بوحي من

1 / 86