106

Meeting at the Open Door

لقاء الباب المفتوح

Genres

حكم استقدام العمال وإلزامهم نسبة من الدخل ما حكم من اتفق مع عمال ففتح لهم مطعمًا أو جلب لهم سيارة أجرة، وطالبهم بمبلغ معين كل شهر، يقول -مثلًا- أنا لا أستطيع أن أترك لهم الأمر لأنهم قد يسرقوني، ولا أستطيع أن أتابع محاسبتهم؛ لكن أنا أشترط عليهم مبلغًا معينًا في كل شهر يدفعونه إليَّ؟ العمال لهم نظام معين عند الحكومة: وهو أنهم يأتون بالشهرية، فاستعمالهم بالنسبة خروج عن النظام، والخروج عن النظام الذي وقعت عليه محرم؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا﴾ [الإسراء:٣٤] . ويقول جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة:١] . لكن إذا أردت أن تسلم من تقصيرهم ومن تهاونهم بالعمل فأعطهم بالنسبة فيما ينتجون من العمل، مثلًا: إذا كانوا مُلَيِّسِين، تقول لهم: لكم مشاهَرَتكم -الأجرة الشهرية- ولكم على كل متر كذا وكذا دراهم، أو إذا كانوا مثلًا: سبَّاكين: لكم بالمتر كذا وكذا، وإذا كانوا مثلًا: كهربائيين: لكم في المتر كذا وكذا، لكم على كل مفتاح، على كل لمبة كذا وكذا، زيادة على أجورهم، فبهذا تسلم من تقصيرهم وينصحون في العمل؛ لأنهم يريدون هذا الزائد، وأما أن تقول: أعطوني كذا وكذا، وتُرَوِّحْهم فهذا لا يجوز. أولًا: أنه خلاف نظام الدولة. ثانيًا: ربما لا يتحصلون على ما فرضت عليهم، أو لا يحصلون إلا زائدًا يسيرًا، أو يحصِّلون شيئًا كثيرًا أكثر مما كنت تتوقع، فتندم، تقول: ليتني جعلت عليهم ثلاثمائة بدل مائتين. فالمهم أن هذا العمل حرام، وهو في الحقيقة مُشْكِلٌ جدًا جدًا؛ لأن بعض الناس صار يتَّجر بها -والعياذ بالله- يجلب العمال الكثيرين ويفرض عليهم شهريًا أن يدفعوا له مائتين أو ثلاثمائة ريال ويتركهم، هذا حرام؛ حرام مِن جهة الشرع، وحرام مِن جهة النظام. مِن جهة الشرع: لأنك تفرض عليهم شيئًا قد لا يستطيعونه. ومن جهة النظام: لأن هذا خلاف نظام الدولة بلا شك. السائل: وإن قال مثلًا: أجَّرتُ هذه السيارة، فأنا أطلب ألفًا، كأني أجرتها على الألف، والمطعم كذلك، جهزتُه كاملًا بآلات، وأريد أن أؤجره مثلًا بخمسمائة، فما الحكم؟ الشيخ: هذا ممنوع في النظام، لا يمكن فعله. السائل: ولو فعله مثلًا فهل هذا حرام؟ الشيخ: نعم حرام، وأقول: لا تستهينوا بالنظام، نظام الدولة إذا لم يخالف الشرع فهو من الشرع؛ ليس من الشرع لأن الله شرعه؛ لكن لأن الله أمرنا بطاعة ولاة الأمور في غير معصية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:٥٩]، والدولة إذا سَنَّت قانونًا، إن خالف الشرع ضُرِب به الحائط، ولا يجوز لنا أن ننفِّذه؛ لكن نناصحُ الدولة بأن تعدل عنه، أما إذا كان لا يخالف الشرع، ورأت الدولة من المصلحة سن هذا القانون فإنه يجب تنفيذه، لا لأن هذا من الشرع؛ لكن الله أمر بطاعة ولاة الأمور، ومن ظن أن ولاة الأمور لا يُطاعون إلا فيما شرعه الله فقد أخطأ؛ لأن ما شرعه الله فإننا مأمورون به سواء أمرونا أم لم يأمرونا به، فكون الله يأمرنا بطاعة ولاة الأمور زائدًا على طاعة الله ورسوله يعني أن هذا فيما سنوه هم ولم يخالف أمر الله ورسوله. أما ما كان مشروعًا بدون سنِّهم إياه من الواجبات فهذا واجب علينا سواء أمرونا أم لم يأمرونا، بل لو نهونا عنه لم نمتثل أمرهم، لو نهونا عما أمر الله به فإننا لا ننتهي؛ لكننا لا ننابذهم، بل نفعله سرًا حتى لا تحصل المنابذة والمضادة للدولة.

2 / 53