La mort rend visite à Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Genres
لم تكن هناك حاجة لدارسي لكي يتدرب على هذا السؤال، لكنه وعلى الرغم من ذلك أمضى بعض الوقت في اختيار الكلمات التي عليه استخدامها، ونبرة صوته التي عليه أن يتحدث بها. كان دارسي قد أخبر نفسه بأنه سيكون حاضرا أمام محكمة قضائية، وليس مع مجموعة من أصدقائه يسرد عليهم قصة ما. وكان التفكر في أمر الصمت - الذي لم يكسر حاجزه سوى صوت أقدامهم على الأرض وصوت صرير العجلات - أمرا لا مفر منه؛ فكل ما يحتاج إليه الآن هو ذكر الحقائق بشكل صريح ومقنع. والآن راح دارسي يسرد أن الكولونيل ترك المجموعة بعض الوقت ليحذر السيدة بيدويل وابنها المحتضر وابنتها أن هناك مشكلة قد تقع، ولكي يطلب منهم أن يغلقوا الباب. «هل أخبرك الفيكونت هارتليب وهو ذاهب إلى الكوخ أن تلك كانت نيته؟» «أجل.» «وكم مضى على غيابه؟» «في اعتقادي، ليس أكثر من 15 دقيقة، لكن مدة غيابه بدت حينها أطول بطريقة ما.» «ثم أكملتم مسيركم بعدها؟» «صحيح. كان برات قد استطاع بشيء من اليقين تحديد المكان الذي دلف منه الكابتن ديني إلى الغابة، فدخلنا منه وحاولت أنا ورفاقي حينها أن نكتشف المسار الذي سلكه أحدهما أو كلاهما. وبعد بضع دقائق، قد تصل إلى 10، وصلنا إلى الفرجة ووجدنا جثة الكابتن ديني، وكان السيد ويكهام جاثيا عليها وينتحب.» «وكيف كان حال السيد ويكهام؟» «كان مضطربا اضطرابا شديدا وأعتقد من كلامه ومن رائحة فمه أنه كان يعاقر الشراب بشراهة. كان وجه الكابتن ديني ملطخا بالدماء وكانت هناك دماء على يد السيد ويكهام ووجهه - وظننت حينها أن ذلك بسبب لمسه لصديقه.» «وهل تحدث السيد ويكهام بشيء؟» «لقد فعل.» «وماذا قال؟»
وأخيرا كان هذا هو السؤال الذي يخشاه ولثوان قليلة كان ذهنه في حالة فراغ تام. ثم نظر إلى كارترايت وقال: «أعتقد يا سيدي أنني أستطيع تذكر الكلمات بدقة إن لم أكن أذكرها بالترتيب الصحيح. وقد قال ويكهام بحسب ما أتذكر: «لقد قتلته. إنه خطئي. كان صديقي الوحيد ، وقد قتلته.» ثم كرر: «إنه خطئي».» «وفي ذلك الوقت، ماذا كنت تعتقد أنه يقصد بكلامه هذا؟»
كان دارسي مدركا أن المحكمة بأسرها كانت تتطلع إلى إجابته. فانتقل بعينه إلى القاضي الذي فتح عينيه ببطء ونظر إليه. وقال: «أجب عن السؤال سيد دارسي.»
حينها أدرك دارسي بشيء من الذعر أنه كان عليه أن يظل صامتا عدة ثوان. ثم قال وهو يوجه حديثه إلى القاضي: «كنت أنظر إلى رجل في حالة اضطراب من أشد ما يمكن، وكان جاثيا على جثة صديقه. وفي رأيي أن السيد ويكهام كان يقصد أن صديقه لم يكن ليقتل لو لم يكن هناك خلاف بينهما ترك الكابتن ديني على إثره العربة وهرع إلى الغابة. كان ذلك هو انطباعي حينها. فلم أر أي أسلحة. وكنت أعلم أن الكابتن ديني كان هو الأضخم فيهما كما كان مسلحا. وسيكون من الحماقة كثيرا أن يتبع السيد ويكهام صديقه إلى الغابة من دون إنارة أو سلاح وفي نيته قتله. لم يكن السيد ويكهام حتى ليجد تأكيدا على وجود الكابتن ديني بين الأشجار والشجيرات الكثيفة في ظل وجود ضوء القمر كمصدر الإضاءة الوحيد له. وبدا لي أن ما حدث ليس بجريمة قتل ارتكبها السيد ويكهام، سواء بدافع أو مع سبق الإصرار.» «هل رأيت أي شخص أو سمعت بوجوده غير اللورد هارتليب أو السيد ألفيستون حين دخلتم الغابة أو في مسرح الجريمة؟» «لا يا سيدي.» «إذن أنت تقول وأنت تحت حلف اليمين إنك وجدت جثة الكابتن ديني وكان السيد ويكهام ملطخا بالدماء ويجثو على جثته ويقول إنه مسئول عن مقتل صديقه، ليس مرة واحدة وإنما قالها مرتين.»
والآن كان الصمت أطول. شعر دارسي للمرة الأولى وكأنه حيوان تم اصطياده. وفي النهاية قال: «تلك هي الوقائع يا سيدي. أنت سألتني عن رأيي في معنى تلك الوقائع حينها. وأخبرتك بما كنت أعتقد حينها ولا أزال أعتقده الآن، وهو أن السيد ويكهام لم يكن يعترف بارتكابه جريمة قتل، لكنه كان يتحدث بما كان يمثل الحقيقة في واقع الأمر ، وهو أنه لولا أن الكابتن ديني غادر العربة ودخل الغابة لما التقى بقاتله قط.»
لكن كارترايت لم يكن قد انتهى. فقال وهو يغير مسار الحديث: «في حال وصلت السيدة ويكهام إلى منزل بيمبرلي بشكل غير متوقع، ومن دون إشعار منها بذلك، هل كنت لتستقبلها؟» «كنت لأفعل.» «هي بالطبع أخت زوجتك السيدة دارسي. هل كان السيد ويكهام أيضا سيصبح مرحبا به في ظل نفس الظروف؟ هل كان هو والسيدة ويكهام مدعوين إلى الحفل؟» «هذا سؤال افتراضي يا سيدي. ليس هناك سبب لمجيئهما الحفل. فنحن لم نتواصل منذ وقت طويل، ولم أكن أعرف عنوانهما.» «أجد يا سيد دارسي أن إجابتك مخادعة إلى حد ما. هل كنت لتدعوهما لو كنت تعرف عنوانهما؟»
حينها نهض جيريميا ميكلدور وخاطب القاضي. «سيدي، ما هي الصلة التي يمكن أن توجد بين قائمة المدعوين لدى السيد دارسي وجريمة قتل الكابتن ديني؟ لا شك أننا جميعا أحرار في اختيار من نريد أن نستقبلهم في منازلنا، سواء أكانوا على درجة من القرابة أم لم يكونوا كذلك، وذلك من دون الحاجة إلى تبرير أسبابنا أمام محكمة قضائية في ظل ظروف لا يمكن للدعوة فيها أن تكون ذات صلة.»
تحرك القاضي في جلسته وكانت نبرته صارمة بصورة غير متوقعة. فقال: «ألديك سبب لهذا السؤال سيد كارترايت؟» «لدي سبب يا سيدي، وهو أن أسلط الضوء على العلاقة بين السيد دارسي ونسيبه، ومن ثم أوضح لهيئة المحلفين بصورة غير مباشرة لمحة من شخصية السيد ويكهام.»
فقال القاضي: «أشك إن كان عدم وجود دعوة للحفل يمكن أن يقدم لمحة عن الطبيعة الجوهرية للمرء.»
والآن نهض جيريميا ميكلدور. ثم التفت إلى دارسي. «أتعرف شيئا عن تصرفات السيد ويكهام وسلوكه في الحملة على أيرلندا في شهر أغسطس من عام 1798؟» «أجل يا سيدي. أعرف أنه كرم كجندي شجاع، وأنه أصيب خلال الحملة.» «على حد علمك، هل سجن قط من أجل جناية ارتكبها أم كان في مشكلات مع الشرطة؟» «لم يكن كذلك على حد علمي يا سيدي.» «وهل كنت لتعرف هذه الأشياء حيث إنه متزوج من أخت السيدة دارسي؟» «لو كانت أشياء خطيرة أو متواترة، لكنت علمت بها.» «قيل إن ويكهام كان تحت تأثير الشراب. فما هي الخطوات التي اتخذت من أجل السيطرة عليه حين وصلتم إلى منزل بيمبرلي؟» «أخلد إلى الفراش وأرسلنا في طلب الدكتور ماكفي ليساعد كلا من السيدة ويكهام وزوجها.» «لكن الباب لم يكن موصدا عليه كما لم يكن هناك أحد لحراسته.» «لم يكن الباب موصدا عليه، لكن كان هناك اثنان يراقبانه.» «وهل كان ذلك ضروريا حيث كنت تظن أنه بريء؟» «كان مخمورا يا سيدي، ولم يكن بالإمكان تركه بمفرده يتجول في أرجاء المنزل، خاصة وأن لدي أطفالا. كما كنت قلقا أيضا من حالته الجسدية. فأنا قاض يا سيدي، وعرفت أن كل شخص مرتبط بهذا الأمر ينبغي أن يكون متاحا للاستجواب حين يصل السير سيلوين هاردكاسل.»
Page inconnue