La mort rend visite à Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Genres
استدعي جورج برات الآن ليدلي بشهادته. وعلى منصة الشهود كان يبدو أكبر سنا مما كان يتذكره دارسي. وكانت ملابسه نظيفة لكنها لم تكن جديدة، ومن الواضح أنه غسل شعره مؤخرا، وكان الآن يقف منتصبا وفي وجهه حبوب مدببة بلون شاحب، مما أضفى عليه مظهر المهرج المرعب. وحلف جورج برات اليمين بتمهل، وكانت عيناه مثبتتين على الورقة وكأن اللغة المكتوبة بها كانت غريبة عليه، ثم راح يحدق إلى كارترايت وكأنه طفل مقصر متوسل.
من الواضح أن محامي جهة الادعاء قد قرر أن استخدام العطف هنا سيكون هو الأداة الأكثر فاعلية. فقال: «لقد حلفت اليمين يا سيد برات، ما يعني أنك أقسمت على تحري الصدق في المحكمة ردا على أسئلتي، وفي أي شيء قد تقوله. والآن أريدك أن تخبر المحكمة بكلماتك ما حدث ليلة الجمعة الموافقة للرابع عشر من شهر أكتوبر.» «كنت سأصحب السيدين ويكهام والكابتن ديني والسيدة ويكهام إلى بيمبرلي في عربة السيد بيجوت، ثم سأترك السيدة في المنزل، وأستكمل اصطحاب السيدين إلى كينجز آرمز في لامتون. لكن السيد ويكهام والكابتن ديني لم يصلا إلى بيمبرلي قط.» «أجل نعرف ذلك. كيف كنت ستصل إلى بيمبرلي؟ من أي بوابة كنت ستدخل؟» «من البوابة الشمالية الغربية يا سيدي، ثم كنت سأسير عبر الممر في الغابة.» «وماذا حدث؟ هل كان هناك أي صعوبة في عبور البوابة؟» «لا يا سيدي. فقد أتى جيمي مورجان ليفتحها. كان قد قال بأن أحدا لن يمر، لكنه كان يعرفني وتركنا نمر حين قلت بأنني كنت أصحب السيدة ويكهام إلى الحفل. وكنا قد قطعنا مسافة نصف ميل تقريبا أو نحو ذلك من الممر، حين طرق أحد السيدين - وأعتقد أنه الكابتن ديني - على العربة من أجل أن أتوقف، ومن ثم توقفت. ثم خرج من العربة وتوجه نحو الغابة. وراح يصيح بأنه لن يشارك في الأمر أكثر من ذلك، وأن السيد ويكهام كان وحده الآن.» «أكانت تلك هي الكلمات التي نطق بها تحديدا؟»
سكت برات لحظة. «لست واثقا يا سيدي. ربما كان قد قال: «أنت وحدك الآن يا ويكهام. لن أتحمل المزيد من ذلك».» «وماذا حدث بعد ذلك؟» «خرج السيد ويكهام من العربة في إثره، وراح يقول له إنه أحمق وإن عليه العودة، لكنه لم يفعل. لذا تبعه إلى داخل الغابة. وخرجت السيدة من العربة تنادي عليه ليعود وألا يتركها، لكنه لم يلتفت لها. وحين اختفى في الغابة دخلت إلى العربة مرة أخرى وبدأت تبكي وترثي حالها . وهكذا ظللنا واقفين في مكاننا يا سيدي.» «ألم تفكر في الدخول بنفسك إلى الغابة؟» «لا يا سيدي. لم يكن بإمكاني ترك السيدة ويكهام ولا الجياد؛ لذا مكثت في مكاني. لكن بعد برهة كان هناك صوت طلقات نيران، وبدأت السيدة ويكهام تصرخ وقالت لي إننا سنقتل جميعا، وإن علي أن أقود العربة إلى بيمبرلي بأسرع ما يمكنني.» «وهل كانت الطلقات النارية قريبة منكما؟» «لست واثقا من ذلك يا سيدي. لكنها كانت قريبة بما يكفي لكي نسمعها بوضوح.» «وكم كان عدد الطلقات التي سمعتها؟» «ربما كانت ثلاثا أو أربعا. لست متأكدا تماما يا سيدي.» «إذن ماذا حدث بعد ذلك؟» «ضربت الجياد بالسوط فأخذت تركض، وذهبنا إلى بيمبرلي وكانت السيدة تصرخ في أثناء ذلك طوال الطريق. وحين توقفنا أمام الباب كادت تقع خارج العربة. وكان السيد دارسي وبعض الرفقة يقفون عند الباب. ولا يمكنني أن أتذكر من هم بالتحديد، لكنني أعتقد أنه كان هناك رجلان والسيد دارسي وسيدتان. وقد ساعدت السيدتان السيد ويكهام في دخول المنزل، وقال السيد دارسي بأن أظل إلى جانب الجياد حيث كان يريد مني أن آخذه وبعض الرجال إلى المكان الذي دخل منه الكابتن ديني والسيد ويكهام إلى الغابة. ومن ثم انتظرته يا سيدي. ثم جاء السيد الذي أعرف الآن أنه الكولونيل فيتزويليام إلى مدخل المنزل بسرعة كبيرة وانضم إلى المجموعة. وحين أحضر شخص ما نقالة وبعض الأغطية والمصابيح، ركب الرجال الثلاثة العربة - وهم السيد دارسي والكولونيل ورجل آخر لم أكن أعرفه - وعدنا إلى الغابة. ثم خرج الرجال من العربة وساروا في المقدمة حتى وصلنا إلى المسار الذي يؤدي إلى كوخ الغابة وذهب الكولونيل ليتأكد من أن العائلة بخير، وليخبرهم أن يوصدوا الباب عليهم. ثم أكمل الرجال الثلاثة مسيرهم حتى رأيت المكان الذي اختفى فيه الكابتن ديني والسيد ويكهام. ثم طلب مني السيد دارسي أن أنتظرهم هناك، ودلفوا إلى الغابة.» «لا بد أن تلك اللحظات كانت عصيبة عليك يا برات.» «كانت كذلك حقا يا سيدي. كنت مرعوبا لأن أحدا لم يكن بصحبتي ولم يكن معي سلاح، وبدا أن الوقت الذي انتظرتهم فيه طويلا جدا يا سيدي. لكنني بعد ذلك سمعتهم قادمين. وقد أحضروا جثة الكابتن ديني على نقالة، أما السيد ويكهام الذي كان لا يستطيع الوقوف على قدمه ثابتا فقد ساعده الرجل الثالث على الركوب في العربة. ثم أدرت الجياد وعدنا بطيئا إلى بيمبرلي حيث كان الكولونيل والسيد دارسي يسيران خلفنا ويحملان النقالة، وكان الرجل الثالث في العربة مع السيد ويكهام. وأما ما تلا ذلك من أحداث، فمشوش في ذهني يا سيدي. أعلم أن النقالة قد حملت إلى مكان ما، أما السيد ويكهام الذي كان حينها يصيح بصوت عال، ولا يكاد يستطيع الصمود في وقفته فقد أخذ إلى داخل المنزل وطلب مني الانتظار. وفي النهاية خرج الكولونيل وأخبرني بأن علي أن آخذ العربة إلى كينجز هيد وأن أخبرهم أن السيدين لن يأتيا، وأن علي المغادرة من هناك سريعا قبل أن يطرحوا علي الأسئلة، وحين أعود إلى جرين مان يتعين ألا أخبر أحدا بشيء عما حدث، وإلا سأواجه مشكلات مع الشرطة. وقال إن الشرطة ستأتي لتتحدث إلي في اليوم التالي. وكنت قلقا حيال أن يطرح علي السيد بيجوت أي أسئلة لدى عودتي، لكنه والسيدة بيجوت كانا قد خلدا إلى الفراش. وفي ذلك الحين كانت الرياح قد هدأت وبدأت أمطار غزيرة تهطل. وفتح السيد بيجوت نافذة حجرة نومه، ونادى إن كان كل شيء على ما يرام، وإن كانت السيدة قد ذهبت إلى بيمبرلي. قلت له إنها ذهبت إلى هناك وطلب السيد بيجوت مني أن أتفقد الجياد، وأن أخلد إلى النوم. كنت في غاية التعب والإرهاق يا سيدي، وفي صباح اليوم التالي كنت نائما حين جاءت الشرطة في تمام السابعة صباحا. وقد أخبرتهم بما حدث، تماما كما أخبرك به الآن يا سيدي، على قدر ما أتذكر ولم أخف شيئا.»
قال كارترايت: «شكرا لك سيد برات. كانت شهادتك في غاية الوضوح.»
هنا نهض السيد ميكلدور في الحال. وقال: «لدي سؤال أو اثنان لك يا سيد برات. حين طلب منك السيد بيجوت أن تقود العربة إلى بيمبرلي؛ أكانت تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها هذين السيدين معا؟» «أجل يا سيدي.» «وكيف بدت العلاقة بينهما بالنسبة إليك؟» «كان الكابتن ديني هادئا للغاية، وكان من الواضح أن السيد ويكهام تناول الشراب، لكن لم يكن هناك جدال أو شجار بينهما.» «هل كان هناك تردد من جانب الكابتن ديني في ركوب العربة؟» «كلا يا سيدي. فقد ركب العربة برضا تام.» «هل سمعت أي حديث دار بينهما أثناء الرحلة قبل أن تتوقف العربة؟» «لا يا سيدي. لم يكن ذلك سهلا حيث الرياح ووعورة الطريق إلا إذا كانا يصيحان بصوت مرتفع للغاية.» «ولم يكن هناك صراخ؟» «لا يا سيدي، لم أسمع شيئا.» «إذن وعلى حد علمك، انطلقت تلك المجموعة وهم متوافقون، ولم يكن لديك سبب يدفعك لتوقع أي مشكلة؟» «لا يا سيدي، لم يكن لدي سبب لذلك.» «أعرف أنك أخبرت هيئة المحلفين أثناء التحقيق عن المشكلة التي واجهتها في السيطرة على الجياد حين كانوا في الغابة. لا بد أن تلك الرحلة كانت عصيبة عليهم.» «أوه، ذلك صحيح يا سيدي. فبمجرد أن دخلت الجياد إلى الغابة أصبحت مهتاجة، وراحت تصهل وتضرب الأرض بأقدامها.» «لا بد أنها كانت صعبة المراس للسيطرة عليها.» «صحيح يا سيدي، كانت كذلك إلى حد كبير. فلا يوجد حصان واحد يحب دخول الغابة في ليلة يكتمل فيها القمر - ولا بشر كذلك.» «هل بإمكانك أن تكون متأكدا تماما من الكلمات التي تلفظ بها الكابتن ديني حين غادر العربة؟» «في الواقع يا سيدي، سمعته يقول إنه لن يساير السيد ويكهام بعد الآن، وأن السيد ويكهام كان وحيدا الآن، أو شيء من هذا القبيل.» «شيء من هذا القبيل. شكرا لك سيد برات، هذا كل ما لدي من أسئلة.»
نزل برات عن منصة الشهود وهو سعيد أكثر مما كان عليه حين اعتلاها. وهمس ألفيستون إلى دارسي قائلا: «لا توجد مشكلة هنا. لقد تمكن ميكلدور من إلقاء ظلال الشك على شهادة برات . والآن يا سيد دارسي، سيحين دورك أنت أو الكولونيل.»
الفصل السابع
حين نودي اسمه، استجاب دارسي بصدمة جسدية تدل على تفاجئه رغم أنه كان يعرف أن دوره قد اقترب ولن يدوم انتظاره طويلا. تقدم دارسي عبر قاعة المحكمة وحاول أن يسيطر على ذهنه. كان من المهم أن يحافظ على رباطة جأشه، ويسيطر على انفعالاته. وكان عازما على ألا ينظر إلى ويكهام أو السيدة يونج أو إلى عضو هيئة المحلفين الذي كان يحدق إليه بغلظة في كل مرة كان يجول فيها بعينيه على هيئة المحلفين. وكان دارسي يثبت أنظاره على محامي جهة الادعاء وهو يجيب عن الأسئلة، وبين الحين والآخر كان يرمق هيئة المحلفين أو القاضي الذي جلس بلا حراك وكأنه تمثال بوذا، طاويا يديه الصغيرتين البدينتين على المكتب، وعيناه شبه مغمضتين.
وكان الجزء الأول من الاستجواب مباشرا. فردا منه عن الأسئلة التي وجهت له، راح يقص أحداث أمسية حفل العشاء، وذكر الحضور حينها، كما ذكر مغادرة الكولونيل والآنسة درسي، ووصول العربة بالسيدة ويكهام وهي في حالة شديدة من الاضطراب، وفي النهاية أشار إلى قراره بأخذ العربة والعودة بها إلى الممر في الغابة؛ ليعرفوا ما حدث، وما إذا كان السيد ويكهام والكابتن ديني في حاجة إلى أي مساعدة.
قال سيمون كارترايت: «أكنت تتوقع وجود بعض الأخطار، أو ربما وقوع شيء مأساوي؟» «إطلاقا يا سيدي. بل كنت آمل، بل وحتى أتوقع أن أسوأ ما حدث للسيدين هو أن أحدهما قد وقعت له حادثة بسيطة تسببت في إصابته في الغابة، وأننا سنلتقي بالكابتن ديني والسيد ويكهام كليهما في طريق عودتهما إلى بيمبرلي أو إلى الحانة، وأحدهما يساعد الآخر. وكان ما قالته السيدة ويكهام وأكده بعدها برات أنه سمع إطلاق نار وهو ما أقنعني أنه من اللازم تشكيل مجموعة لإنقاذهما. كان الكولونيل فيتزويليام قد عاد في الوقت المناسب؛ ليكون عضوا في تلك المجموعة وكان مسلحا.» «سيدلي الفيكونت هارتليب بشهادته بالطبع في وقت لاحق. فهل نستطيع أن نتابع؟ هلا تتفضل الآن بوصف الرحلة إلى داخل الغابة والأحداث التي أدت إلى اكتشاف جثة الكابتن ديني.»
Page inconnue