La mort rend visite à Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Genres
فعل ذلك في صمت، وبعد أن دلك ويكهام رسغيه وقف في هدوء وكان يمسح بعينيه الغرفة بين الحين والآخر وكأنه يبحث عن وجه مألوف. حلفت اليمين، وأثناء ذلك كان ميكبيس ينظر إلى هيئة المحلفين بنظرات يملؤها الشك وكأنه رجل يتفحص جوادا ليشتريه وكأن هذا الجواد مثير للشك، وذلك قبل أن يدلي بتصريحه المبدئي المعتاد. «أيها السادة، لقد التقينا من قبل، وأعتقد أنكم تعرفون مهمتكم. وهي الاستماع إلى الشهادات بإمعان وتحديد سبب وفاة الكابتن مارتن ديني، الذي وجدت جثته في غابة بيمبرلي في غضون الساعة العاشرة من ليل يوم الجمعة الموافق 14 أكتوبر. أنتم لستم هنا من أجل المشاركة في محاكمة جنائية، ولا من أجل تعليم الشرطة كيف تجري تحقيقاتها. ومن الخيارات المطروحة أمامكم، اعلموا أنكم لا يمكن لكم أن تقرروا أن الوفاة كانت نتاج حادثة، أو أنها كانت قضاء وقدرا، ولا يمكن لرجل كذلك أن يقتل نفسه بتوجيه ضربة شديدة إلى مؤخر رأسه. وقد يقودكم هذا منطقيا إلى استنتاج مفاده أن حالة الوفاة هنا هي جريمة قتل، وحينها سيكون أمامكم حكمان محتملان. فإن لم يكن هناك أي دليل يشير إلى الشخص المسئول عن هذه الجريمة، فسيكون قراركم هو القتل العمد على يد شخص مجهول أو مجموعة مجهولة من الأشخاص. لقد وضعت أمامكم الخيارات المتاحة، لكن ينبغي علي أن أؤكد أن قراركم بشأن سبب الوفاة يعود إليكم بشكل كامل. وإن قادتكم الشهادات إلى استنتاج أنكم تعرفون هوية القاتل، فسينبغي عليكم حينها أن تعلنوا عن اسمه أو اسمها، وكما هي الحال في كل قضايا الجنايات، سيحتجز مقترف الجريمة وسيقدم للمحاكمة في محكمة الجنايات التالية في ديربي. وإن كان لديكم أي أسئلة تريدون توجيهها للشهود، فارفعوا أيديكم فضلا وتحدثوا بشكل واضح. سنبدأ الآن، وسأبدأ باستدعاء ناثانيال بيجوت أولا، وهو مالك حانة جرين مان، الذي سيقدم شهادته عن بداية آخر رحلة لذلك الرجل المأسوف عليه.»
وبعد ذلك ومما أراح دارسي كثيرا، سار التحقيق بوتيرة سريعة إلى حد كبير. لا شك أن السيد بيجوت تلقى نصيحة بأن من الحكمة في المحكمة أن يتحدث قليلا قدر المستطاع، وبعد أن أقسم اليمين، أكد فقط أن السيد والسيدة ويكهام والكابتن ديني وصلوا إلى الحانة بعد ظهر يوم الجمعة في عربة مستأجرة بعد الرابعة بوقت قصير، وأنهم طلبوا العربة التي كان يبقيها هو في الحانة لتقلهم إلى بيمبرلي في ذلك المساء، حيث سيتركون السيدة ويكهام، ثم سيكمل السيدان طريقهما إلى كينجز آرمز في لامتون. ولم يسمع بيجوت بأي شجار بين ثلاثتهم لا أثناء الظهيرة، ولا حين دلفوا إلى العربة المستأجرة. كان الكابتن ديني هادئا - فهو يبدو كرجل هادئ دوما - وكان السيد ويكهام يتناول الشراب بانتظام، لكن في رأيه لا يمكن أن يقول إنه كان مخمورا وعاجزا.
ثم تبعه جورج برات، سائق العربة، الذي كان من الواضح أن شهادته منتظرة بشدة وقد قصها هو بشيء من الإسهاب، مشيرا دائما إلى سلوك الحصانين بيتي وميلي. كان الحصانان يتصرفان بشيء من العقل حتى دخلا الغابة، حيث أصبحا شديدي التوتر حتى إنه وجد صعوبة في تحريكهما. كان الفرسان دائما ما يكرهان دخول الغابة حين يكون القمر مكتملا؛ وذلك بسبب شبح السيدة رايلي. وربما كان السيدان يتشاجران داخل العربة، لكنه لم يسمعهما؛ لأنه كان يحاول السيطرة على الفرسين. وكان الكابتن ديني هو من أخرج رأسه من النافذة وأمره أن يتوقف ثم غادر هو العربة. وقد سمع الكابتن ديني يقول إن السيد ويكهام أصبح الآن وحده، وأنه لن يشارك في الأمر؛ قال شيئا من هذا القبيل. ثم هرع الكابتن ديني إلى داخل الغابة وفي إثره السيد ويكهام. وبعد ذلك ببرهة قصيرة سمع صوت طلقات النار، لكنه لم يكن واثقا متى سمعها بالتحديد، أما السيدة ويكهام التي كانت في حالة جيدة فصرخت فيه أن يكمل المسيرة إلى بيمبرلي وهو ما فعله. في تلك الأثناء كان الفرسان في حالة من الذعر الشديد بحيث أمكنه التحكم فيهما بصعوبة وخشي أن تنقلب العربة بهما قبل أن يصل إلى بيمبرلي. ثم وصف ما حدث في رحلة العودة، بما في ذلك توقف العربة؛ حتى يتمكن الكولونيل فيتزويليام من الاطمئنان على الأسرة التي تقطن كوخ الغابة. وخمن هو أن الكولونيل غاب في ذلك مدة 10 دقائق.
واكتسب دارسي انطباع أن قصة برات كانت معروفة بالفعل لدى هيئة المحلفين ولدى كل من في لامتون وقرية بيمبرلي وما يتخطاهما، وقد أدلى برات بشهادته في ظل آهات وتنهدات تنم عن التعاطف، خاصة حين أسهب في المحنة التي مر بها الفرسان بيتي وميلي. ولم يكن هناك أي سؤال ليوجه إليه.
ثم استدعي الكولونيل الفيكونت هارتليب بعد ذلك، وأقسم اليمين بثبات وثقة مثيرين للإعجاب. وقص الكولونيل روايته من أحداث المساء باقتضاب لكن في شيء من الحزم، واشتملت روايته على إيجاد الجثة، وهي شهادة تكررت فيما بعد من دون انفعال أو تنميق للكلام على لسان ألفيستون ودارسي في الأخير. وسأل القاضي ثلاثتهم ما إن كان ويكهام قد تحدث، وكرروا جميعا اعترافه المدمر.
وقبل أن يحظى أي أحد آخر بفرصة الحديث، طرح ميكبيس السؤال الأهم. «سيد ويكهام، أنت تصر على براءتك من قتل الكابتن ديني بكل صرامة. إذن لماذا قلت أكثر من مرة حين وجدت الجثة إنك قتلته، وإن مقتله كان خطأك؟»
وأتت الإجابة من دون تردد. «لأن الكابتن ديني يا سيدي ترك العربة بسبب شعوره بالاشمئزاز من خطتي لترك السيدة ويكهام في بيمبرلي وهي غير مدعوة وزيارتها غير متوقعة. كما أنني شعرت أنني كنت لأمنعه من مغادرة العربة والدخول إلى الغابة لولا أنني كنت مخمورا.»
فهمس كليثرو إلى دارسي قائلا: «غير مقنع بالمرة، ذلك الأحمق يفرط في الثقة بنفسه. سيحتاج إلى أن يفعل أكثر من هذا في محكمة الجنايات إذا ما أراد أن ينقذ رقبته من المشنقة. وإلى أي درجة كان مخمورا؟»
لكن لم تطرح أي أسئلة بعد ذلك، وبدا أن ميكبيس كان قانعا لأن يترك هيئة المحلفين تخلص إلى قرارها من دون تعقيب منه، وكان حريصا على ألا يحفز الشهود إلى التكهن مطولا بما كان يعنيه ويكهام بالتحديد من كلماته. ثم أتى آمر البلدة براونريج، وكان من الواضح أنه مسرور من أخذ كل الوقت اللازم ليقص ما قامت به الشرطة، بما في ذلك البحث الذي قامت به الشرطة في الغابة. ولم تتلق أي معلومات عن وجود غرباء في الجوار، وكان لكل قاطني منزل بيمبرلي والأكواخ التي تقع ضمن المنطقة حجج غياب، وكان التحقيق لا يزال جاريا. وقدم الدكتور بيلشر شهادته بمصطلحات طبية كثيرة، استمع لها الحضور بإكبار وإجلال، وبدا انزعاج القاضي منها واضحا، بعدها قال رأيه بلغة واضحة تماما أن سبب الوفاة كان ضربة قوية على مؤخر الرأس، وأن الكابتن ديني لم يكن لينجو من ذلك الجرح لأكثر من بضع دقائق إن كتبت له النجاة، رغم أنه من المستحيل تحديد وقت الوفاة بالضبط. واكتشفت بلاطة حجرية ربما استخدمها المعتدي في جريمته، التي - في رأيه - يمكن أن تسبب بفعل حجمها ووزنها جرحا مشابها إذا ما وجهت الضربة بها بقوة، لكن لم يكن هناك دليل يربط هذا الحجر بالتحديد بالجريمة. ولم ترتفع سوى يد واحدة قبل أن يغادر الطبيب منصة الشهود.
قال ميكبيس: «حسن يا فرانك ستيرلنج، نحن نسمع منك أنت في الغالب. ماذا تريد أن تسأل؟» «سؤال واحد يا سيدي. نحن نفهم أن السيدة ويكهام كانت ستترك في منزل بيمبرلي لتحضر الحفل في مساء اليوم التالي، لكن ليس في حضور زوجها. وأفهم أن السيد دارسي لم يكن ليستقبل السيد ويكهام كنسيب وضيف له.» «وما هي علاقة قائمة السيدة دارسي للمدعوين لحفل الليدي آن بمقتل الكابتن ديني، أو للشهادة التي قدمها الدكتور بيلشر بالأخص؟» «فقط يا سيدي، لو أن العلاقة بين السيد دارسي والسيد ويكهام كانت سيئة للغاية، ومن الممكن أن السيد ويكهام لم يكن هو الشخص المناسب ليستقبل في منزل بيمبرلي، فربما يكون في هذا من وجهة نظري إشارة على نوع شخصيته. إنه لمن الغريب حقا أن يحظر رجل منزله على نسيب له إلا إذا كان ذلك النسيب عنيفا أو معتادا على الشجار.»
Page inconnue