La mort rend visite à Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Genres
بمجرد أن أقنعت ليديا - التي كانت قد هدأت الآن - بأن تخلد إلى الفراش، شعرت جين بإمكانية تركها في عناية بيلتون، وانضمت إلى إليزابيث. وقد هرعتا معا إلى الباب الأمامي لتشهدا مغادرة مجموعة الإنقاذ. كان بينجلي والسيدة رينولدز وستاوتن عند الباب بالفعل وراح خمستهم يحدقون إلى الظلام حتى ابتعدت العربة كثيرا، وأصبحت أضواؤها متذبذبة، فاستدار ستاوتن ليغلق الباب ويوصده.
والتفتت السيدة رينولدز إلى إليزابيث وقالت لها: «سأجالس السيدة ويكهام حتى يأتي الدكتور ماكفي يا سيدتي. أتوقع أنه سيعطيها شيئا ليساعدها على الهدوء والنوم. وأقترح أن تعودي أنت والسيدة بينجلي إلى غرفة الموسيقى لتنتظرا هناك؛ ستشعران بالراحة هناك أكثر كما أن المدفأة ستمنحكما الدفء. وسيظل ستاوتن عند الباب ليراقب الطريق، وسيعلمكما بمجرد اقتراب العربة. وإن شوهد الكابتن ديني والسيد ويكهام على الطريق فستكون هناك مساحة في العربة تكفي الجميع، رغم أنها لن تكون رحلة مريحة على الأرجح. وأتوقع أن يكون الرجال في حاجة إلى تناول شيء ساخن حين يعودون، لكنني أشك في أن الكابتن ديني والسيد ويكهام سيرغبان في البقاء حتى الحصول على المرطبات. فبمجرد أن يعلم السيد ويكهام أن زوجته آمنة، من المؤكد أنه سيرغب وصديقه في إكمال رحلتهما. أعتقد أن برات قال إنهما كانا في طريقهما إلى كينجز آرمز في لامتون.»
كان هذا هو ما تريد إليزابيث سماعه بالضبط، وكانت تتساءل ما إن كانت السيدة رينولدز تحاول طمأنتها عن عمد. كان احتمال أن الكابتن ديني أو السيد ويكهام قد أصيبا بكسر أو التواء في الكاحل أثناء شقهما لطريقهما عبر الغابة وأنهما في حاجة إلى المكوث في المنزل - حتى ولو إلى طلوع الصبح - يثير الكثير من الانزعاج. فلم يكن زوجها ليرفض أن يؤوي جريحا في منزله قط، لكن وجود ويكهام تحت سقف منزل بيمبرلي هو أمر يمقته دارسي، وقد تكون لذلك تبعات كانت تخشى حتى أن تفكر فيها.
قالت السيدة رينولدز: «سأتحقق الآن يا سيدتي من أن جميع الخدم الذين يعملون على التحضير للحفل قد خلدوا إلى فرشهم. أعلم أن بيلتون لا تواجه مشكلة في البقاء مستيقظة تحسبا لأي حاجة إليها، وبيدويل لا يزال يعمل لكنه متكتم تماما. ولسنا في حاجة إلى أن نخبر أحدا عن هذه المغامرة الليلية حتى الصباح، وحينها لن نخبر أحدا بشيء إلا إن كانت هناك ضرورة لذلك.»
وكانت السيدة رينولدز وإليزابيث في طريق صعودهما على السلم حين أعلن ستاوتن أن العربة التي أرسلت لإحضار الدكتور ماكفي قد وصلت، فانتظرت إليزابيث لتستقبله ولتشرح له باقتضاب ما حدث. ولم يكن الدكتور ماكفي يدخل المنزل إلا ويلقى ترحابا حارا. كان الرجل أرملا في منتصف العمر، وقد ماتت عنه زوجته وهي لا تزال شابة وتركت له ثروة كبيرة، وعلى الرغم من قدرته على التنقل بعربة إلا أنه كان يفضل امتطاء صهوة الجواد. وبحقيبته الجلدية المربعة المربوطة إلى سرج جواده، كان مظهره مألوفا في طرق لامتون وبيمبرلي. وكانت سنوات امتطاء صهوة الجياد في كل أنواع الطقس قد أضافت الخشونة والغلظة إلى ملامحه، لكن وعلى الرغم من أنه لم يكن يعد وسيما، إلا أن ملامحه كانت تنم عن البشاشة والذكاء، إضافة إلى أمارات السلطة والإيثار حتى إنه بدا وكأنه مقدر له أن يكون طبيبا ريفيا. وكانت فلسفته الطبية تقتضي بأن للجسد البشري نزعة طبيعية تجاه شفاء نفسه إذا ما لم يتآمر الطبيب والمريض على التدخل في عملياته الحميدة، لكن وبإدراكه أن الطبيعة البشرية تستلزم التعامل بالحبوب وجرعات من الدواء، كان يعتمد على العقاقير التي أعدها هو بنفسه، والتي يثق فيها مرضاه إلى حد بعيد. وقد تعلم منذ وقت مبكر أن أقارب المريض يكونون أقل إثارة للمشكلات إذا ما انشغلوا بما يخدم مصلحة المريض، وقد ابتكر من التدابير ما تتناسب فعاليتها مع الوقت المستغرق في إعدادها. وكانت مريضته هنا تعرفه بالفعل، حيث إن السيدة بينجلي كانت تستدعيه حين يظهر زوجها أو أطفالها أو صديق يزورها أو أحد الخدم أي بوادر لوعكة، وقد أصبح الطبيب صديقا للعائلة. وكان من الباعث كثيرا على الارتياح أن يأخذوه إلى ليديا، التي استقبلته بنوبة جديدة من الشكوى والاتهام، لكنها أصبحت أكثر هدوءا بمجرد أن اقترب من فراشها.
كانت إليزابيث وجين الآن جاهزتين لبدء المراقبة من غرفة الموسيقى حيث كانت النوافذ توفر رؤية واضحة للطريق إلى الغابة. وعلى الرغم من أنهما حاولتا الاسترخاء على الأريكة، فإنهما لم تتمكنا من مقاومة التقدم نحو النافذة أو التحرك في قلق في أرجاء الغرفة. كانت إليزابيث تعرف أنهما كانتا تفكران في الأمر نفسه ولكن في صمت، وأخيرا عبرت جين عما كانت تفكر فيه. «عزيزتي إليزابيث، لا يمكننا أن نتوقع منهم العودة سريعا. لنفترض أن برات سيستغرق 15 دقيقة لتحديد المكان الذي اختفى فيه الكابتن ديني والسيد ويكهام في الغابة. حينها ربما يبحثون لمدة 15 دقيقة أو أكثر إن كان الرجلان قد ضلا طريقهما بالفعل، وينبغي أن نضع في الحسبان بعض الوقت من أجل عودتهم إلى العربة ثم إلى هنا. وينبغي أن نتذكر أيضا أن أحدهم سيذهب إلى كوخ الغابة للتأكد من أن السيدة بيدويل ولويزا آمنتان. لا بد أن نحاول التحلي بالصبر؛ وفي اعتقادي أننا لن نرى العربة قبل مرور ساعة. وبالطبع، من الوارد أن يكون السيد ويكهام والكابتن ديني قد تمكنا من العثور على الطريق، وقررا العودة سيرا إلى الحانة.»
قالت إليزابيث: «أعتقد أن احتمالية ذلك منهما ضعيفة. ستكون المسافة كبيرة وقد أخبرا برات أنهما سيتوجهان بعد أن يتركا ليديا في بيمبرلي إلى كينجز آرمز في لامتون. بالإضافة إلى أنهما سيكونان في حاجة إلى حقائبهما. ومن المؤكد أن ويكهام سيرغب في أن يطمئن أن ليديا قد وصلت بسلام. لكننا لن نعرف أي شيء قبل عودة العربة. وهناك آمال كثيرة معلقة على أن يتم العثور على الرجلين على الطريق، ومن ثم تعود العربة سريعا. في غضون ذلك، من الأفضل أن نحصل على أكبر قدر من الراحة.»
لكن الراحة كانت مستحيلة ووجدتا نفسيهما تتحركان باستمرار جيئة من النافذة وذهابا إليها. وبعد نصف الساعة كانتا قد فقدتا الأمل في عودة مجموعة الإنقاذ سريعا، لكنهما ظلتا واقفتين في عذاب صامت من الخوف من شر مرتقب. ففي المقام الأول وبتذكرهما أمر طلقات النار، كانتا تخشيان رؤية العربة تتقدم ببطء كعربة نقل الموتى، ودارسي والكولونيل يتبعانها على أقدامهما وهما يحملان النقالة المثقلة بالجثة. في أفضل الأحوال قد يكون أي من ويكهام أو ديني على النقالة، ليس بجرح خطير وإنما غير قادر على تحمل اهتزاز العربة. وقد حاولت كلتاهما أن تبعدا عن ذهنيهما صورة جسد مكفن، وكذلك المهمة المروعة التي تتمثل في إخبار ليديا المضطربة أن أسوأ مخاوفها قد تحقق، وأن زوجها قد مات.
ظلت السيدتان تنتظران مدة ساعة وعشرين دقيقة وحين أعيتهما كثرة الوقوف تحركتا بعيدا عن النافذة، وذلك حين ظهر بينجلي ومعه الطبيب ماكفي.
قال الطبيب: «كانت السيدة ويكهام منهكة من القلق والانتحاب الطويل، وقد أعطيتها عقارا مهدئا. من المفترض أنها ستروح سريعا في نوم عميق، وآمل أن يطول نومها لبضع ساعات. يمكنني أن أنتظر في غرفة المكتبة وسأتفقد حالتها لاحقا. وليس هناك داع لأن يلازمني أحد.»
Page inconnue