فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فمني وما خالفه فليس مني " (1) فهو مقياس صحيح أخذ به كثير من الثقات، وهو يتفق مع قواعد النقد العلمي، وقال ابن خلدون بشأنه: " إنني لا أعتقد صحة سند حديث ولا قول صحابي عالم يخالف ظاهر القرآن، وإن وثقوا رجاله، فرب راو يوثق للاغترار بظاهر حاله وهو سئ الباطن. ولو انتقدت الروايات من جهة فحوى متنها كما تنتقد من جهة سندها لقضت المتون على كثير من الأسانيد بالنقض. وقد قالوا: إن من علامة الحديث الموضوع: مخالفته لظاهر القرآن، أو القواعد المقررة في الشريعة، أو لبرهان العقل، أو الحس والعيان وسائر اليقينيات ".
حقا إن اختلاف المسلمين بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بلغ حدا دعا الدعاة فيهم إلى اختلاق الآلاف المؤلفة من الأحاديث والروايات.
لما قتل عثمان وبدأت الحروب الداخلية بين المسلمين بخصومة خصماء علي (عليه السلام)، وأيد أمير المؤمنين من أيده، ثم استتب الأمر لبني أمية جعل المحدثون المتصلون ببني أمية يضعفون ما يروى عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفضائله، وكما جعل أنصار عائشة يشيعون عنها ما يؤيد دعواها.
ومن طريف ما يروى في ذلك: ما رواه الذهبي في ترجمة إسماعيل بن المثنى الاسترآبادي: كان يعظ بدمشق، فقام إليه رجل فسأله عن قول النبي: أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ فأطرق إسماعيل لحظة ثم رفع رأسه وقال: نعم لا يعرف هذا الحديث عن النبي إلا من كان في صدر الإسلام، إنما قال النبي: أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها
Page 35