وما أوردناه في هذا السفر من أقوال هذا الجم الغفير من الأعلام الذين يقارب عددهم المئتين والألف علم، برهان ساطع في وجوب النصح للمسلمين، وتحذيرهم من المتقولين على الله بغير علم، الذين هم أعظم جرما وأقبح جرأة في قيلهم وفعلهم، فالرد عليهم واجب، والتحذير منهم لازم.
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما القول على الله بلا علم: فهو أشد هذه المحرمات تحريما، وأعظمها إثما؛ ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان، ولا تباح بحال؛ بل لا تكون إلا محرمة، وليست كالميتة والدم ولحم الخنزير الذي يباح في حال دون حال.
فإن المحرمات نوعان: محرم لذاته لا يباح بحال. ومحرم تحريما عارضا في وقت دون وقت. قال الله تعالى في المحرم لذاته: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} (1)، ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال: {والإثم والبغي بغير الحق}، ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (33)}.
فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثما؛ فإنه يتضمن الكذب على الله ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته، وإثبات ما نفاه،
Page inconnue