وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ ١.
إلى قوله تعالى: ﴿لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ ٢ أي: بالموت.
أيظن مَن عرف موقع كتاب الله وآياته أنه ينفع مَن أحب المشركين قولٌ يقوله، أو عملٌ يعمله؟ وهو يعلم ما وقع بهؤلاء من عقوبة الله على ما أسروه؟ هذا لا يظنه مَن له مِسْكَة من عقل؛ لأن ما كلف به عوقب به من بعدهم على مثل ما عُوقبوا به بلا ريب، اللهم إلا أن يتدارك الله -تعالى- من شاء بتوبة ماحِية، وإلا فالخطر عظيم.
وكذلك قوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾ ٣ وسبب نزولها، ومن نزلت فيه معروف في كتب التفسير.
دعوة الرسل والأنبياء أقوامهم إلى عبادة الله وحده
ومن زعم أن المراد من لا إله إلا الله: مجرد القول، فقد خالف ما جاءت به الرسل والأنبياء من دين الله، واتبع غير سبيل المؤمنين، قال الله –تعالى- عن نوح ﵇ أنه قال لقومه: ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ﴾ ٤، فأجابوه بقولهم: ﴿لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا﴾ ٥ الآية. علموا- على كفرهم وضلالهم- أنه لم يُرِدْ منهم مجرد الإقرار، وإنما أراد منهم الاتباع، والعمل، وترك عبادة الأصنام، وأخبر تعالى عن هود ﵇ أنه قال لقومه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ ٦، وذكر تعالى عنهم في جوابهم له: ﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ ٧؛ علموا أنه أراد منهم قصر العبادة على الله، وترك عبادة من سوى الله، وهذا هو مضمون لا إله إلا الله ومعناها.
ولما دعا الخليل ﵇ أباه إلى التوحيد بقوله: ﴿يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ ٨، أجابه بقوله: ﴿قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ ٩. عرف أنه أراد ترك عبادة ما سوى الله، والرغبة عن ذلك إلى إخلاص العبادة لله وحده، ثم قال الخليل ﵇:
﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ
_________
١ سورة التوبة آية: ١٠٧.
٢ سورة التوبة آية: ١١٠.
٣ سورة التوبة آية: ٧٧.
٤ سورة نوح آية: ٢.
٥ سورة نوح آية: ٢٣.
٦ سورة الأعراف آية: ٦٥.
٧ سورة الأعراف آية: ٧٠.
٨ سورة مريم آية: ٤٢.
٩ سورة مريم آية: ٤٦.
1 / 298