Position sur la métaphysique
موقف من الميتافيزيقا
Genres
ولقد رأى «وتجنشتين» في الفلسفة هذا الرأي نفسه، إذ قال: إن «العمل الفلسفي هو في جوهره توضيحات، فليست مهمة الفلسفة أن تنتج لنا عددا من القضايا [التي تصف الأشياء] بل مهمتها أن تجعل القضايا واضحة.»
5
وتعليقا على قول «وتجنشتين» هذا، يقول «كارناب»: «إني أوافق وتجنشتين على أن منطق العلم (أي الفلسفة) ليست له جمل خاصة به، إذ ينصب كلامه كله على طريقة تركيب الجمل التي قالها العلم، وإذن فمنطق العلم (= الفلسفة) لا تضيف إلى ميادين العلوم ميدانا جديدا.»
6
وهذه التفرقة بين العلم وفلسفة العلم، القائمة على أساس أن العلم قضاياه تصف الظواهر الطبيعية وصفا مباشرا، وفلسفة العلم قوامها البحث في قضايا العلم من حيث هي تعبيرات لغوية؛ أقول: إن هذه التفرقة بين العلم وفلسفة العلم هي التي أخذ بها الأستاذ «آير» إذ قال في فصل عقده لشرح فلسفة العلم ما يلي: «الكتاب العلمي يتألف في جوهره من عبارات، والكثرة الغالبة من هذه العبارات تتحدث عن أشياء ... لكنك يغلب أن تجد فيه كذلك عبارات ... [لا تصف أشياء] بل تفسر طريقة استعمال ألفاظ معينة، أو تعلق على العلاقة المنطقية القائمة بين عبارات أخرى واردة في الكتاب، كأن تقرر عبارة ما بأن نظريتين مختلفتين متعارضتان أو غير متعارضتين، أو أن مجموعة من العبارات تأتي لتشهد بصدق مجموعة أخرى، فهذه العبارات التي لا تشير إشارة مباشرة إلى مادة العلم الذي هو موضوع البحث، بل تشير إلى مدركاته [الواردة في الجمل التي تصف الأشياء وصفا مباشرا]، أو تشير إلى عبارات أخرى يمكن القول عنها بأنها هي فلسفة العلم.»
7
إذن فالمهمة التي تضطلع بها الفلسفة عند الوضعيين المنطقيين - ومن بينهم «كارناب» الذي نحدثك الآن عنه، هي التحليل؛ تحليل أية عبارة مما يقوله الناس بصفة عامة، وتحليل العبارات العلمية بصفة خاصة، وفي رأيهم ألا شأن للفلسفة بالعالم وما فيه من أشياء؛ لأن ذلك من عمل العلماء، كل عالم في المجال الذي اختص به وتخصص فيه، فكما يقول «جون وزدم» في عبارة مختصرة يصف بها الفلسفة اليوم: «لأن تتفلسف معناه أن تحلل.»
8
2
ولعل أبرز طابع يميز العمل الذي أداه «كارناب» في مجال التحليل هو اشتغاله بالسميوطيقا
Page inconnue