Vague de Feu : Collection de Nouvelles
موجة نار: مجموعة قصص
Genres
ولكن محمدا في نهاية الأمر سلخ نفسه عن تلك الخيمة حين ظهر له أن سفرته قد تيسر الفوز بطبيب عالمي الشهرة يصطحبه في أوبته فيصف لرئيفة ما يشفيها. •••
حينما حومت الطائرة فوق مطار دمشق كاد محمد الفرار أن يقفز منها ليعدو نحو خيمة رئيفة، وما إن وقفت وفتح الباب حتى أمسك بذراع الدكتور «ماديسون» وصاح به: «وصلنا! وصلنا!» وسمع محمد هتاف الجماهير متبرما وتقبل التهاني والوسام حانقا، وأصغى إلى القصائد والخطب في ضيق صدر، وما تنفس الصعداء إلا حين ركب الأوتوموبيل مع الدكتور «ماديسون» يرافقهما بعض مشاهير أطباء دمشق الذين عالجوا رئيفة وقصدوا جميعا إلى المخيم في الصحراء.
وكطائر عاد إلى عشه وفراخه بعد سفرة منهكة خطرة، هكذا ترامى محمد على سرير رئيفة يقبلها ضاحكا باكيا، تهتز نفسه بين تيارات العواطف، ثم أفسح المجال للطبيب «ماديسون» فتقدم إلى المريضة وقال: «أراك فتية! يجب أن تستثيري كل ما في قواك من عزم، وتتعاوني معي على صرع هذا المرض. إن محمدا في حاجة إلى رفيق في سفرة هذه الحياة.»
فأجابت باسمة: «إن محمدا بلغ الذروة، ومن صار في القمة لا يحتاج إلى رفيق!»
فهز الطبيب رأسه وطفق يتفحصها ويسأل زملاءه عن العلاجات التي وصفوها، ووقف حائرا يخاطب الأطباء بقوله: كل ما فعلتموه ووصفتموه كان صحيحا.
ووقف «ماديسون» حائرا، ثم اقترب من العليلة ثانية يجس صدرها، فارتطمت أصابعه بشيء صلب خيط طي قميصها فانتزعه بعنف، وإذ رآه انتفض صائحا: «سم البنغال!» هذا السائل هو السم الذي يقتل ببطء وليس له من علاج!
وتطلع إلى الأطباء هائجا: من منكم وصف هذا العلاج السام؟
وصاح محمد هلعا: رئيفة! من أعطاك هذه الزجاجة؟
فابتسمت رئيفة وتكلمت بهدوء الظافر: لا تتهم أحدا. لقد فتشت عن هذه الزجاجة طويلا حتى وجدتها أخيرا في سوق العطارين. ما هي بزجاجة تلك، وما سائلها بسم، بل هي الدواة التي بحبرها كتبت رائعتك «عنترة والنفط». والآن اقترب مني وخذ بيدي وحدثني عن الحفلة الافتتاحية في كاليفورنيا وكيف استقبلتك دمشق في المطار ...
وشعت الحياة في وجهها ومضة ثم اضمحلت.
Page inconnue