93

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Enquêteur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

تَقَاطَعَ النَّاسُ بِالتَّكَلُّفِ يَدْعُو أَحَدُهُمْ أَخَاهُ فَيَتَكَلَّفُ لَهُ فَيَقْطَعُهُ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ»، وَمِنَ التَّكَلُّفِ أَنْ يُقَدِّمَ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ فَيُجْحِفَ بِعِيَالِهِ وَيُؤْذِيَ قُلُوبَهُمْ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: «دَخَلْنَا عَلَى جابر ﵁ فَقَدَّمَ لَنَا خُبْزًا وَخَلًّا وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ لَتَكَلَّفْتُ لَكُمْ» .
الْأَدَبُ الثَّانِي: وَهُوَ لِلزَّائِرِ أَنْ لَا يَقْتَرِحَ وَلَا يَتَحَكَّمَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَرُبَّمَا يَشُقُّ عَلَى الْمَزُورِ إِحْضَارُهُ، فَإِنْ خَيَّرَهُ أَخُوهُ بَيْنَ طَعَامَيْنِ فَلْيَخْتَرْ أَيْسَرَهُمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُسَرُّ بِاقْتِرَاحِهِ وَيَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الِاقْتِرَاحُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: «الْأَكْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: مَعَ الْفُقَرَاءِ بِالْإِيثَارِ، وَمَعَ الْإِخْوَانِ بِالِانْبِسَاطِ، وَمَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالْأَدَبِ» .
الْأَدَبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُشَهِّيَ الْمَزُورُ أَخَاهُ الزَّائِرَ وَيَلْتَمِسَ مِنْهُ الِاقْتِرَاحَ مَهْمَا كَانَتْ نَفْسُهُ طَيِّبَةً بِفِعْلِ مَا يَقْتَرِحُ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَفِيهِ أَجْرٌ وَفَضْلٌ جَزِيلٌ.
الْأَدَبُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَقُولَ لَهُ: «هَلْ أُقَدِّمُ لَكَ طَعَامًا»؟ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ إِنْ كَانَ، فَإِنْ أَكَلَ وَإِلَّا فَيَرْفَعُهُ.
مَسَائِلُ
الْأُولَى: رَفْعُ الطَّعَامِ عَلَى الْمَائِدَةِ فِيهِ تَيْسِيرٌ لِلْأَكْلِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْكِبْرِ وَالتَّعَاظُمِ، وَمَا يُقَالُ إِنَّهُ بِدْعَةٌ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا أُبْدِعَ مَنْهِيًّا بَلِ الْمَنْهِيُّ بِدْعَةٌ تُضَادُّ سُنَّةً ثَابِتَةً وَتَرْفَعُ أَمْرًا مِنَ الشَّرْعِ مَعَ بَقَاءِ عِلَّتِهِ، وَلَيْسَ فِي الْمَائِدَةِ إِلَّا رَفْعُ الطَّعَامِ عَنِ الْأَرْضِ لِتَيْسِيرِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا مَكْرُوهٌ مُضِرٌّ لِلْمَعِدَةِ وَمِثْلُهُ الْأَكْلُ مُضْطَجِعًا وَمُنْبَطِحًا.
الثَّالِثَةُ: السُّنَّةُ الْبُدَاءَةُ بِالطَّعَامِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعِشَاءُ فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ»، وَكَانَ «ابْنُ عُمَرَ» ﵄ رُبَّمَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَلَا يَقُومُ مِنْ عَشَائِهِ ; نَعَمْ إِنْ كَانَتِ النَّفْسُ لَا تَتُوقُ إِلَى الطَّعَامِ وَلَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ الطَّعَامِ ضَرَرٌ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ.
بَيَانُ مَا يَخُصُّ الدَّعْوَةَ وَالضِّيَافَةَ
فَضِيلَةُ الضِّيَافَةِ:
قَالَ ﷺ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَفِي أَثَرٍ: لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا

1 / 96