Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
85

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Chercheur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

الْوِتْرَ. وَكَانَ رُبَّمَا جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَرُبَّمَا أَسَرَّ. وَأَكْثَرُ مَا صَحَّ عَنْهُ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. بَيَانُ أَنَّ الْأَوْرَادَ لِلْمُتَجَرِّدِ لِلْعِبَادَةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَوْرَادَ وَالْأَذْكَارَ الْمَرْوِيَّةَ وَالْوَظَائِفَ اللَّيْلِيَّةَ وَالنَّهَارِيَّةَ إِنَّمَا تُسْتَحَبُّ لِلْمُتَجَرِّدِ لِلْعِبَادَةِ الَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ غَيْرُهَا أَصْلًا بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَ الْعِبَادَةَ لَجَلَسَ بَطَّالًا، وَأَمَّا الْعَالِمُ الَّذِي يَنْفَعُ النَّاسَ بِعِلْمِهِ فِي فَتْوَى أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ تَصْنِيفٍ فَتَرْتِيبُهُ الْأَوْرَادَ يُخَالِفُ تَرْتِيبَ الْعَابِدِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُطَالَعَةِ لِلْكُتُبِ وَإِلَى التَّصْنِيفِ وَالْإِفَادَةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى مُدَّةٍ لَهَا لَا مَحَالَةَ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِغْرَاقُ الْأَوْقَاتِ فِيهِ فَهُوَ أَفْضَلُ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَاتِ وَرَوَاتِبِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي فَضِيلَةِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِي الْعِلْمِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَأَمُّلُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُهُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةُ الْخَلْقِ وَهِدَايَتُهُمْ إِلَى طَرِيقِ الْآخِرَةِ، وَرُبَّ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ يَتَعَلَّمُهَا الْمُتَعَلِّمُ فَيُصْلِحُ بِهَا عِبَادَةَ عُمْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّمْهَا لَكَانَ سَعْيُهُ ضَائِعًا. وَأَمَّا الْعَامِّيُّ وَالْمُتَعَلِّمُ فَحُضُورُهُ مَجَالِسَ الْعِلْمِ وَالْوَعْظِ أَفْضَلُ مِنِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَوْرَادِ، وَكَذَلِكَ الْمُحْتَرِفُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الْكَسْبِ لِعِيَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ الْعِيَالَ وَيَسْتَغْرِقَ الْأَوْقَاتَ فِي الْعِبَادَاتِ بَلْ وِرْدُهُ فِي وَقْتِ الصِّنَاعَةِ حُضُورُ السُّوقِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْكَسْبِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْسَى ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي صِنَاعَتِهِ. فَضِيلَةُ قِيَامِ اللَّيْلِ: مِنَ الْآيَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [السَّجْدَةِ: ١٦] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ) [الزُّمَرِ: ٩] وَقَوْلُهُ ﷿: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الْفُرْقَانِ: ٦٤] وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [الذَّارِيَاتِ: ١٧ - ١٩] . وَمِنَ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ ﷺ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَقَوْلُهُ ﷺ: إِنَّ مِنَ اللَّيْلِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَقَوْلُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ. الْأَسْبَابُ الْمُسَهِّلَةُ لِقِيَامِ اللَّيْلِ مِنْهَا أَنْ لَا يُكْثِرَ الْأَكْلَ فَيُكْثِرَ الشُّرْبَ فَيَغْلِبَهُ النَّوْمُ وَيَثْقُلَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتْرُكَ الْقَيْلُولَةَ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهَا سُنَّةُ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، وَمِنْهَا أَنْ يَعْرِفَ فَضْلَ قِيَامِ اللَّيْلِ بِسَمَاعِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ حَتَّى يَسْتَحْكِمَ بِهِ رَجَاؤُهُ وَشَوْقُهُ إِلَى ثَوَابِهِ فَيُهَيِّجُهُ الشَّوْقُ لِطَلَبِ الْمَزِيدِ وَالرَّغْبَةِ

1 / 88