Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion
موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
Chercheur
مأمون بن محيي الدين الجنان
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
كِتَابُ آدَابِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ
قَدِ امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بِنَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ، وَكِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ حَتَّى اتَّسَعَ عَلَى أَهْلِ الِافْتِكَارِ طَرِيقُ الِاعْتِبَارِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ، وَاتَّضَحَ بِهِ سُلُوكُ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، بِمَا فَصَّلَ فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَهُوَ الضِّيَاءُ وَالنُّورُ، وَبِهِ النَّجَاةُ مِنَ الْغُرُورِ، وَفِيهِ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ، مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَقَدْ هُدِيَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ فَقَدْ فَازَ. قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الْحَجْرِ: ٩] .
وَمِنْ أَسْبَابِ حِفْظِهِ فِي الْقُلُوبِ وَالْمَصَاحِفِ اسْتِدَامَةُ تِلَاوَتِهِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَى دِرَاسَتِهِ مَعَ الْقِيَامِ بِآدَابِهِ وَشُرُوطِهِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الْبَاطِنَةِ وَالْآدَابِ الظَّاهِرَةِ، وَذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ وَتَفْصِيلِهِ.
فَضْلُ الْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ وَذَمُّ الْمُقَصِّرِينَ فِي تِلَاوَتِهِ:
قَالَ ﷺ: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ رَأَى أَحَدًا أُوتِيَ أَفْضَلَ مِمَّا أُوتِيَ فَقَدِ اسْتَصْغَرَ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ".
وَقَالَ ﷺ: " أَفْضَلُ عِبَادَةِ أُمَّتِي تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ ".
وَقَالَ ﷺ: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ".
وَقَالَ " ابْنُ مَسْعُودٍ ": " إِذَا أَرَدْتُمُ الْعِلْمَ فَانْثُرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ".
وَقَالَ " عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ": " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدْ أُدْرِجَتِ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ ".
وَقَدْ جَاءَ فِي ذَمِّ تِلَاوَةِ الْغَافِلِينَ قَوْلُهُ ﷺ: " مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ ".
وَقَوْلُهُ ﷺ: " اقْرَأِ الْقُرْآنَ مَا نَهَاكَ فَإِنْ لَمْ يَنْهَكَ فَلَسْتَ تَقْرَؤُهُ ".
وَقَالَ أنس: " رُبَّ تَالٍ لِلْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ يَلْعَنُهُ ".
وَقَالَ " ابْنُ مَسْعُودٍ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِيَعْمَلُوا بِهِ فَاتَّخَذُوا دِرَاسَتَهُ عَمَلًا، إِنَّ
1 / 76