Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion
موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين
Chercheur
مأمون بن محيي الدين الجنان
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَتَجِبُ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إِذَا أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى وَلَدَيْهِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ حِنْطَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ مَعَ الْقَضَاءِ، وَالشَّيْخُ الْهَرِمُ إِذَا لَمْ يَصُمْ تَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا.
[سُنَنُ الصِّيَامِ]
تَأْخِيرُ السُّحُورِ، تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ أَوِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، الْجُودُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ، الِاعْتِكَافُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ. وَلَا بَأْسَ فِي الْمَسْجِدِ بِالطِّيبِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَبِالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَغَسْلِ الْيَدِ فِي الطَّسْتِ فَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.
أَنْوَاعُ الصَّوْمِ وَدَرَجَاتُهُ:
اعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ: صَوْمُ الْعُمُومِ، وَصَوْمُ الْخُصُوصِ، وَصَوْمُ خُصُوصِ الْخُصُوصِ. أَمَّا صَوْمُ الْعُمُومِ: فَهُوَ كَفُّ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ عَنْ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ كَمَا سَبَقَ، وَأَمَّا صَوْمُ الْخُصُوصِ: فَهُوَ كَفُّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ عَنِ الْآثَامِ، وَأَمَّا صَوْمُ خُصُوصِ الْخُصُوصِ: فَصَوْمُ الْقَلْبِ عَنِ الْهِمَمِ الدَّنِيَّةِ وَالْأَفْكَارِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَكَفُّهُ عَمَّا سِوَى اللَّهِ ﷿ بِالْكُلِّيَّةِ.
أَسْرَارُ الصَّوْمِ وَشُرُوطُهُ الْبَاطِنَةُ:
هِيَ سِتَّةُ أُمُورٍ:
الْأَوَّلُ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّهُ عَنِ الِاتِّسَاعِ فِي النَّظَرِ إِلَى كُلِّ مَا يُذَمُّ وَيُكْرَهُ وَإِلَى كُلِّ مَا يُشْغِلُ الْقَلْبَ وَيُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
الثَّانِي: حِفْظُ اللِّسَانِ عَنِ الْهَذَيَانِ وَالْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْفُحْشِ وَالْجَفَاءِ وَالْخُصُومَةِ وَالْمِرَاءِ.
الثَّالِثُ: كَفُّ السَّمْعِ عَنِ الْإِصْغَاءِ إِلَى كُلِّ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ قَوْلُهُ حُرِّمَ الْإِصْغَاءُ إِلَيْهِ، وَلِذَلِكَ سَوَّى اللَّهُ ﷿ بَيْنَ السَّمْعِ وَأَكْلِ السُّحْتِ فَقَالَ تَعَالَى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [الْمَائِدَةِ: ٤٢] .
الرَّابِعُ: كَفُّ بَقِيَّةِ الْجَوَارِحِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَنِ الْآثَامِ وَعَنِ الْمَكَارِهِ، وَكَفُّ الْبَطْنِ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَقْتَ الْإِفْطَارِ فَلَا مَعْنَى لِلصَّوْمِ عَنِ الطَّعَامِ الْحَلَالِ ثُمَّ الْإِفْطَارِ عَلَى الْحَرَامِ، فَمِثَالُ هَذَا الصَّائِمِ مِثَالُ مَنْ يَبْنِي قَصْرًا وَيَهْدِمُ مِصْرًا، وَقَدْ قَالَ ﷺ: «كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» فَقِيلَ: «هُوَ الَّذِي يُفْطِرُ عَلَى الْحَرَامِ» وَقِيلَ: «هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ عَنِ الطَّعَامِ
1 / 61