Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
41

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Chercheur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

(إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الْجُمُعَةِ: ٩] فَحَرَّمَ الِاشْتِغَالَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَبِكُلِّ صَارِفٍ عَنِ السَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَالَ ﷺ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» وَقَالَ ﷺ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» وَالْعُذْرُ مِثْلُ: الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ وَالْفَزَعِ وَالْمَرَضِ وَالتَّمْرِيضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ قَيِّمٌ، وَنَحْوِهَا. وَيُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ فِيهِ وَلَا بَأْسَ مِنْ تَقْرِيبِهِ مِنَ الرَّوَاحِ لِيَكُونَ أَقْرَبَ عَهْدًا بِالنَّظَافَةِ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ أَخْذُ الشَّعْرِ وَقَلْمُ الظُّفْرِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَطْيِيبُ الرَّائِحَةِ وَلُبْسُ أَحْسَنِ الثِّيَابِ، وَيُسْتَحَبُّ الْبُكُورُ إِلَى الْجَامِعِ وَأَنْ يَكُونَ فِي سَعْيِهِ خَاشِعًا مُتَوَاضِعًا مُبَادِرًا إِلَى نِدَائِهِ تَعَالَى إِلَى الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَا يَمُرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَالْبُكُورُ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَدْ وَرَدَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي تَخَطِّي الرِّقَابِ، وَمَهْمَا كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مَتْرُوكًا خَالِيًا فَلَهُ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا حَقَّهُمْ وَتَرَكُوا مَوَاضِعَ الْفَضِيلَةِ. قَالَ «الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ» ﵁: «تَخَطَّوْا رِقَابَ الَّذِينَ يَقْعُدُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ» . وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَلَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ بَلْ يَجْلِسُ إِلَى أَقْرَبِ أُسْطُوَانَةٍ أَوْ حَائِطٍ حَتَّى لَا يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ - أَعْنِي بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي - فَإِنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَنِ اجْتَازَ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أُسْطُوَانَةً فَلْيَنْصِبْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا طُولُهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً لِحَدِّهِ. وَيُنْدَبُ طَلَبُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَإِنَّ فَضْلَهُ كَثِيرٌ، وَالْقُرْبُ مِنَ الْخَطِيبِ لِيَسْتَمِعَ الْخُطْبَةِ، وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمَسْجِدِ. وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ الْكَلَامَ عِنْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِجَوَابِ الْمُؤَذِّنِ ثُمَّ بِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ، وَقَالَ ﷺ: «مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ لَغَا وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْكَاتَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِإِشَارَةٍ أَوْ رَمْيِ حَصَاةٍ لَا بِالنُّطْقِ. فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَرْجِعْ إِلَى شَأْنِهِ ذَاكِرًا اللَّهَ ﷿ مُفَكِّرًا فِي آلَائِهِ شَاكِرًا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِهِ خَائِفًا مِنْ تَقْصِيرِهِ، وَكَانَ ﷺ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنَّ يُكْثِرَ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَفِي لَيْلَتِهِ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ فِيهِ إِلَّا عَلَى مَنْ سَأَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، قَالَ «ابْنُ مَسْعُودٍ»: «إِذَا سَأَلَ الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدِ اسْتَحَقَّ أَنْ لَا يُعْطَى» يَعْنِي هَؤُلَاءِ السُّؤَّالَ فِي الْجَامِعِ الَّذِينَ يَتَخَطَّوْنَ رِقَابَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا فِي مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَطٍّ. وَكَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ شِرَاءَ الْمَاءِ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ السَّقَّاءِ لِيَشْرَبَهُ أَوْ يُسَبِّلَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ مُبْتَاعًا فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ، وَقَالُوا لَا بَأْسَ لَوْ أَعْطَى

1 / 44