Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
18

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Chercheur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

فِي جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ. وَلَقَدْ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْأَرْضِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَكَانُوا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الْحِجَارَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. فَكَانَتْ عِنَايَتُهُمْ كُلِّهِمْ بِنَظَافَةِ الْبَاطِنِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ سُؤَالٌ فِي دَقَائِقِ النَّجَاسَاتِ. وَقَدِ انْتَهَتِ النَّوْبَةُ إِلَى طَائِفَةٍ يُسَمُّونَ الرُّعُونَةَ نَظَافَةً، فَأَكْثَرُ أَوْقَاتِهِمْ فِي تَزْيِينِهِمُ الظَّوَاهِرَ كَفِعْلِ الْمَاشِطَةِ بِعَرُوسِهَا، وَالْبَاطِنُ هُنَا خَرَابٌ مَشْحُونٌ بِخَبَائِثِ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالْجَهْلِ وَالرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ وَلَا يَسْتَنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ. وَلَوِ اقْتَصَرَ مُقْتَصِرٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، أَوْ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ سَجَّادَةٍ مَفْرُوشَةٍ، أَوْ تَوَضَّأَ مِنْ آنِيَةِ كَافِرٍ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْقِيَامَةَ وَشَدُّوا عَلَيْهِ النَّكِيرَ وَلَقَّبُوهُ بِالْقَذِرِ. فَانْظُرْ كَيْفَ صَارَ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا، وَكَيْفَ انْدَرَسَ مِنَ الدِّينِ رَسْمُهُ كَمَا انْدَرَسَ حَقِيقَتُهُ وَعِلْمُهُ، إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ فَلْنَتَكَلَّمِ الْآنَ مِنْ مَرَاتِبِ الطَّهَارَةِ عَلَى الرَّابِعَةِ، وَهِيَ نَظَافَةُ الظَّاهِرِ فَنَقُولُ: طَهَارَةُ الظَّاهِرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: طَهَارَةٌ عَنِ الْخَبَثِ، وَطَهَارَةٌ عَنِ الْحَدَثِ، وَطَهَارَةٌ عَنْ فَضَلَاتِ الْبَدَنِ، وَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْقَلْمِ وَالِاسْتِحْمَامِ وَاسْتِعْمَالِ النُّورَةِ وَالْخِتَانِ وَغَيْرِهَا. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَالنَّظَرُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُزَالِ وَالْمُزَالِ بِهِ وَالْإِزَالَةِ. الطَّرَفُ الْأَوَّلُ فِي الْمُزَالِ وَهِيَ النَّجَاسَةُ: الْأَعْيَانُ ثَلَاثَةٌ: جَمَادَاتٌ، وَحَيَوَانَاتٌ، وَأَجْزَاءُ حَيَوَانَاتٍ. أَمَّا الْجَمَادَاتُ فَطَاهِرَةٌ كُلُّهَا إِلَّا الْخَمْرَ، وَكُلَّ مُنْتَبَذٍ مُسْكِرٍ، وَالْحَيَوَانَاتُ طَاهِرَةٌ كُلُّهَا إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ، فَإِذَا مَاتَتْ فَكُلُّهَا نَجِسَةٌ إِلَّا خَمْسَةً: ١ - الْآدَمِيُّ. ٢ - وَالسَّمَكُ. ٣ - وَالْجَرَادُ. ٤ - وَدُودُ التُّفَّاحِ وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَسْتَحِيلُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ. ٥ - وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَالذُّبَابِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْهَا فِيهِ. وَأَمَّا أَجْزَاءُ الْحَيَوَانَاتِ فَقِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يُقْطَعُ مِنْهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ، وَالشَّعْرُ لَا يَنْجُسُ بِالْجَزِّ وَالْمَوْتِ، وَالْعَظْمُ يَنْجُسُ. الثَّانِي: الرُّطُوبَاتُ الْخَارِجَةُ مِنْ بَاطِنِهِ، فَكُلُّ مَا لَيْسَ مُسْتَحِيلًا وَلَا لَهُ مَقَرٌّ فَهُوَ طَاهِرٌ كَالدَّمْعِ

1 / 21