Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
134

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Chercheur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

بِحُزْنِكَ مُهْتَمٌّ بِمَا قَدَّمْتَ وَمَا صِرْتَ إِلَيْهِ، يَدْعُو لَكَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَأَنْتَ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى» . وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ: «الدُّعَاءُ لِلْأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدَايَا لِلْأَحْيَاءِ» . الْحَقُّ السَّابِعُ الْوَفَاءُ وَالْإِخْلَاصُ: وَمَعْنَى الْوَفَاءِ: الثَّبَاتُ عَلَى الْحُبِّ وَإِدَامَتُهُ إِلَى الْمَوْتِ مَعَهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَوْلَادِهِ وَأَصْدِقَائِهِ، فَإِنَّ الْحُبَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِلْآخِرَةِ، فَإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ حَبِطَ الْعَمَلُ وَضَاعَ السَّعْيُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ ﷺ أَكْرَمَ عَجُوزًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خديجة وَإِنَّ كَرَمَ الْعَهْدِ مِنَ الدِّينِ» . فَمِنَ الْوَفَاءِ لِلْأَخِ مُرَاعَاةُ جَمِيعِ أَصْدِقَائِهِ وَأَقَارِبِهِ وَالْمُتَعَلِّقِينَ بِهِ، وَمُرَاعَاتُهُمْ أَوْقَعُ فِي قَلْبِ الصَّدِيقِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَخِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ فَرَحَهُ بِتَفَقُّدِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَكْثَرُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قُوَّةِ الشَّفَقَةِ وَالْحُبِّ. وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْمَوَدَّةِ فِي اللَّهِ أَنْ لَا تَكُونَ مَعَ حَسَدٍ فِي دِينٍ وَدُنْيَا، وَكَيْفَ يَحْسُدُهُ وَكُلُّ مَا هُوَ لِأَخِيهِ فَإِلَيْهِ تَرْجِعُ فَائِدَتُهُ، وَبِهِ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحِبِّينَ فِي اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ) [الْحَشْرِ: ٩] وَوُجُودُ الْحَاجَةِ هُوَ الْحَسَدُ. وَمِنَ الْوَفَاءِ: أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ حَالُهُ فِي التَّوَاصُلِ مَعَ أَخِيهِ وَإِنِ ارْتَفَعَ شَأْنُهُ وَاتَّسَعَتْ وِلَايَتُهُ وَعَظُمَ جَاهُهُ، وَالتَّرَفُّعُ عَلَى الْإِخْوَانِ بِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الْأَحْوَالِ لُؤْمٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: إِنَّ الْكِرَامَ إِذَا مَا أَيْسَرُوا ذَكَرُوا ... مَنْ كَانَ يَأْلَفُهُمْ بِالْمَنْزِلِ الْخَشِنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْوَفَاءِ مُوَافَقَةُ الْأَخِ فِيمَا يُخَالِفُ الْحَقَّ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ بَلْ مِنَ الْوَفَاءِ لَهُ الْمُخَالَفَةُ وَالنُّصْحُ لِلَّهِ. وَمِنْ آثَارِ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ وَتَمَامِ الْوَفَاءِ أَنْ تَكُونَ شَدِيدَ الْجَزَعِ مِنَ الْمُفَارَقَةِ، نَفُورَ الطَّبْعِ عَنْ أَسْبَابِهَا كَمَا قِيلَ: وَجَدْتُ مُصِيبَاتِ الزَّمَانِ جَمِيعَهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الْأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ وَأَنْشَدَ «ابْنُ عُيَيْنَةَ» هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ: «لَقَدْ عَهِدْتُ أَقْوَامًا فَارَقْتُهُمْ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَا يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ حَسْرَتَهُمْ ذَهَبَتْ مِنْ قَلْبِي» . وَمِنَ الْوَفَاءِ: أَنْ لَا يَسْمَعَ بَلَاغَاتِ النَّاسِ عَلَى صَدِيقِهِ.

1 / 137