Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

Ibn Muhammad Jamal Din Qasimi d. 1332 AH
121

Exhortation des Croyants tirée de Revivification des Sciences de la Religion

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

Chercheur

مأمون بن محيي الدين الجنان

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

الْمَثَارُ الثَّالِثُ لِلشُّبْهَةِ: أَنْ يَتَّصِلَ بِالسَّبَبِ الْمُحَلِّلِ مَعْصِيَةٌ: كَالْبَيْعِ فِي وَقْتِ النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ وَالسَّوْمِ عَلَى سَوْمِهِ، فَكُلُّ نَهْيٍ وَرَدَ فِي الْعُقُودِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ فَإِنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَرَعٌ لِأَنَّ تَنَاوُلَ الْحَاصِلِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةَ تُشْبِهُ التَّحْرِيمَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي فِي سِيَاقِهِ إِلَى مَعْصِيَةٍ كَبَيْعِ الْعِنَبِ مِنَ الْخُمَّارِ وَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ وَفِي حِلِّ الثَّمَنِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَالْأَقْيَسُ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ وَالْمَأْخُوذَ حَلَالٌ وَالرَّجُلَ عَاصٍ بِعَقْدِهِ كَمَا يُعْصَى بِالذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبِ وَالذَّبِيحَةَ حَلَالٌ، فَإِنَّهُ يَعْصِي عِصْيَانَ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِعَيْنِ الْعَقْدِ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ هَذَا مَكْرُوهٌ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَتَرْكُهُ مِنَ الْوَرَعِ الْمُهِمِّ. تَنْبِيهٌ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدَقَائِقِ الْوَرِعِ إِلَّا بِحَضْرَةِ عَالِمٍ مُتْقِنٍ فَإِنَّهُ إِذَا جَاوَزَ مَا رُسِمَ لَهُ وَتَصَرَّفَ بِذِهْنِهِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ كَانَ مَا يُفْسِدُهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ، وَالْمُتَنَطِّعُونَ هُمُ الَّذِينَ يُخْشَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ قِيلَ فِيهِمْ: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الْكَهْفِ: ١٠٤] وَلِهَذَا قَالَ ﷺ: فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي. الْبَحْثُ وَالسُّؤَالُ فِي الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَدَّمَ إِلَيْكَ طَعَامًا أَوْ هَدِيَّةً أَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ أَوْ تَتَّهِبَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُفَتِّشَ عَنْهُ وَتَسْأَلَ وَتَقُولَ هَذَا مِمَّا لَا أَتَحَقَّقُ حِلَّهُ فَلَا آخُذُهُ بَلْ أُفَتِّشُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَكَ أَيْضًا أَنْ تَتْرُكَ الْبَحْثَ مُطْلَقًا، بَلِ السُّؤَالُ لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ مَوَاقِعِ الرِّيبَةِ، وَمَنْشَأُ الرِّيبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مَعْلُومًا بِنَوْعٍ ظَنِّيٍّ يَسْتَنِدُ إِلَى دَلَالَةٍ. وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ أَنْ يَخْتَلِطَ حَرَامُهُ بِحَلَالِهِ وَيَكُونَ الْحَرَامُ أَكْثَرَ مِنْ يَقِينِ وَجُودِهِ. فَإِذَا كَانَ الْحَرَامُ هُوَ الْأَقَلُّ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْحَالِ لَمْ يَكُنِ الْأَكْلُ حَرَامًا وَلَكِنَّ السُّؤَالَ احْتِيَاطٌ وَالِامْتِنَاعَ عَنْهُ وَرَعٌ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا، فَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِأَنَّهُ لَيْسَ يَدْرِي طَرِيقَ كَسْبِ الْحَلَالِ أَوْ بِأَنَّهُ لَا ثِقَةَ فِي أَخْبَارِهِ وَأَمَانَتِهِ فَلْيُسْأَلْ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَاحِدٌ قَبْلَهُ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ فَاسْقٌ عَلِمَ مِنْ قَرِينَةِ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ حَيْثُ لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ جَازَ قَبُولُهُ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ ثِقَةُ النَّفْسِ وَالْمُفْتِي هُوَ الْقَلْبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَضْعِ. وَلِلْقَلْبِ الْتِفَاتَاتٌ إِلَى قَرَائِنَ خَفِيَّةٍ يَضِيقُ عَنْهَا نِطَاقُ النُّطْقِ فَلْيَتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِذَا اطْمَأَنَّ الْقَلْبُ كَانَ الِاحْتِرَازُ حَتْمًا وَاجِبًا. كَيْفِيَّةُ خُرُوجِ التَّائِبِ مِنَ الْمَظَالِمِ الْمَالِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَابَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ مُخْتَلِطٌ فَعَلَيْهِ وَظِيفَةٌ فِي تَمْيِيزِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجِهِ،

1 / 124