268

Mawarid al-Dhaman li-Durus al-Zaman

موارد الظمآن لدروس الزمان

Édition

الثلاثون

Année de publication

١٤٢٤ هـ

Genres

أَتَرْضَى مِنْ العَيْشِ الرَّغِيدِ وَعَيْشَةٍ ... مَعْ الْمَلأ الأعْلَى بَعِيْشِ البَهِيمَةِ
فَبَادُرَّةً بَيْنَ الْمَزَابِلِ أُلْقِيَتْ ... وَجَوْهَرَةً بِيعَتْ بَأَبْخَسِ قِيمَةِ
أَفَانٍ بِبَاقٍ تَشْتَرِيهِ سَفَاهَةً ... وَسَخَطًا بِرِضْوَانٍ وَنَارًا بِجَنَّةِ
أَأَنْتَ صَدِيقٌ أَمْ عَدُوٌ لِنَفْسِهِ ... فَإِنَّكَ تَرْمِيهَا بِكُلِّ مُصِيبَةِ
وَلَوْ فَعَلَ الأَعْدَا بِنَفْسِكَ بَعْضَ مَا ... فَعَلْتَ لَمَسَّتْهُمْ لَهَا بَعْضُ رَحْمَةِ
لَقَدْ بِعْتَهَا هَوْنًا عَلَيْكَ رَخِيصَةً ... وَكَانَتْ بِهَذَا مِنْكَ غَيْرَ حَقِيقَةِ
كَلِفْتَ بِهَا دُنْيَا كَثِيرٍ غُرُورُهَا ... تُقَابِلُنَا فِي نُصْحِهَا فِي الخَدِيعَةِ
عَلَيْكَ بِمَا يُجْدِي عَلَيْكَ مِنْ التُّقَى ... فَإنَّكَ فِي سَهْوٍ عَظِيمٍ وَغَفْلَةِ
تُصَلِّي بَلا قَلْبٍ صَلاةً بِمْثلِهَا ... يَكُونُ الفَتَى مُسْتَوْجِبًا لِلْعُقُوبَةِ
تُخَاطِبُهُ إِيَّاكَ نَعْبُدْ مُقْبِلًا ... عَلَى غَيرِه فِيهَا لِغَيرِ ضَرُورَةِ
وَلَوْ رَدَّ مَن نَاجَاكَ لِلْغَيْرِ طَرْفَةُ ... تَمَيَّزتَ مِنْ غَيْظٍ عَليهِ وَغَيْرَةِ
فَوَيْلَكَ تَدْرِي مَنْ تُنَاجِيهِ مُعْرِضًا ... وَبَيْنَ يَدِي مَن تَنْحَنِي غَيْرَ مُخْبِتِ
أيَّا عَامِلًا لِلنَّارِ جِسْمُكَ لَيَّنٌ ... فَجَرَّبهُ تَمْرِينًا بَحَرِّ الظَّهِيرَةِ
وَدَرِّبْهِ فِي لَسْعِ الزَّنَابِيرِ تَجْتَرِي ... عَلَى نَهْشِ حَيَّاتٍ هُنَاكَ عَظِيمَةِ
فَإنْ كُنْتَ لا تَقْوَى فَوْيْلَكَ مَا الذي ... دَعَاكَ إلى إسْخَاطِ رَبِّ البَرِيَّةِ
تَبَارزه بَالْمُنْكَراتِ عَشِيَّةِ ... وَتُصْبِحُ في أَثْوَابِ نُسْكٍ وَعِفَةِ
نَسِيءُ بِهِ ظنًّا وَتُحْسِنُ تَارَةً ... عَلَى حَسْبِ مَا يَقْضِي الهَوى بالقَضِيَّةِ
فَأَنْتَ عَلَيْهِ أَجْرَى منكَ عَلَى الوَرَى ... بِمَا فِيكَ مِنْ جَهْلٍ وَخُبْثِ طَويَّةِ
تَقُولُ مَعَ العِصْيانِ رَبي غَافِرٌ ... صَدَقْتَ وَلَكِنْ غَافِرٌ بِالمَشِيئَةِ
وَرَبُّكَ رَزَّاقٌ كَمَا هُوَ غَافِرٌ ... فَلِمْ لا تُصَدِّقْ فِيهمَا بالسَّوِيَّةِ
فَكَيْفَ تُرَجِّي العَفْوَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ... وَلَسْتَ تُرجِّي الرِّزْقَ إلا بحِيلَةِ
عَلَى أَنَّهُ بالرِّزْق كَفَّلَ نَفْسَهُ ... وَلَمْ يَتَكَفَّلْ لِلأنَامِ بَجَنَّتِي
وَمَا زَلْتَ تَسْعَى بالذي قَدْ كُفِيتَهَ ... وَتُهْمِلَ ما كُلِفَتَهُ مِنْ وَظِيفَةِ

1 / 267