230

Mawarid al-Dhaman li-Durus al-Zaman

موارد الظمآن لدروس الزمان

Numéro d'édition

الثلاثون

Année de publication

١٤٢٤ هـ

Genres

وَتَرْكِهَا فَاعْلمْ أَنَّ النَّاسَ فِي الصَّلاةِ عَلَى مَرَاتِبَ خَمْسٍ ذكرها الإمام المحقق ابن القيم ﵀ فقال:
أَحَدُهَا: مَرْتَبةُ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ الْمُفَرِّطِ وَهُوَ الذِّي انْتَقَصَ مِنْ وُضِوئِهَا وَمواقِيتُهَا وَحُدُودِهَا وَأَرْكَانِهَا.
الثاني: مَنْ يُحَافِظُ عَلى مَواقِيتُهَا وَحُدودِهَا وَأَرْكَانِهَا الظاهِرَةِ وَوُضوئِهَا لَكِنْ قَدْ ضَيعَ مُجاهَدَةَ نَفْسِهِ فِي الْوَسْوَسَةِ فَذَهَبَ مَعَ الْوسَاوِسِ والأَفْكَارِ.
الثالثُ: مَنْ حَافَظَ عَلى حُدُودِهَا وأَرْكَانِهَا وَجَاهَدَ نَفْسَهُ فِي دَفْعٍ الْوَسَاوسِ والأَفْكَار فَهُوَ مَشْغولٌ بِمُجَاهَدَةِ عَدُوِّهِ لِئلا يَسْرِقَ صَلاتَهَ فَهُوَ فِي صَلاةٍ وَجِهَادٍ.
والرَّابعُ: مَنْ إِذَا قَامَ إلى الصَّلاةِ أَكْمَلَ حُقُوقَهَا وَأَرْكَانَهَا وَحُدُودَهَا واسْتَغرقَ قَلْبُه مُرَاعَاةَ حُدُودِهَا وَحُقوقِهَا لِئلا يَضِيعَ شَيءٌ مِنْهَا بَلْ هَمُّهُ كلّه مَصْرُوفٌ إِلى إِقَامَتِهَا كَمَا يَنْبَغِي إِكْمَالِهَا وِإِتْمَامُهَا، قَدْ اسْتَغْرقَ قَلْبُه شَأْنَ الصلاةِ عُبُودِيَّةُ ربِهِ ﵎ فِيهَا.
الخامِسُ: مَنْ إِذَا قَامَ إِلى الصَّلاةِ قَامَ إِلَيْهَا كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا قَدْ أَخَذَ قَلْبَه وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ ﷿ نَاظِرًا بِقَلْبِهِ إِلَيْهِ مُرَاقِبًا لَهُ مُمْتَلِئًا مِنْ مَحَبَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ وَيُشَاهِدهُ، وَقَدْ اضْمَحَلَّتْ تِلْكَ الْوَسَاوِسُ والْخَطَرَاتُ وارْتَفَعَتْ حُجُبُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَهَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الصَّلاةِ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ وَهَذَا فِي صَلاتِه مشغولٌ بِرَبِّهِ ﷿ قَرِيرُ الْعَيْنِ.
فالقِسْمُ الأوَّلُ: مُعَاقَبٌ. والثاني: مُحَاسَبٌ. والثَّالثُ: مُكَفَّرٌ عَنْهُ. والرَّابعُ:

1 / 229