[نماذج من مواعظه وحكمه وخطبه]
ومن كلامه عليه السلام: ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه ألا وأنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا أحرزت من غنائمها وفرا- إلى أن قال: ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائح هذا القر، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز واليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثا وأكباد حرا، وأكون كما قال:
وحولك أكباد تحن إلى القر
وحسبك عارا أن تبيت ببطنة
أأقنع لنفسي أن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر
وأكون لهم أسوة في خشونة العيش.
ولما أتهم الماحي وأصحابه بالعزم على خلافه ومحاربته قيل له: لو قبضت[16أ] عليه واستوثقت منه؛ فقال: إنا لو فعلنا هذا بكل متهم لملأنا السجون ولا يسعنا الوثوب على الناس وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف. وأعجب من ذلك ما عامل به الشقي ابن ملجم من العدل، فإنه لما ضربه أمرهم بإطعامه، والإحسان إليه والتأني به، وقال: إن عشت فأنا ولي حقى، وإن مت فشأنكم وحقكم.
ومن كلامه عليه السلام: من نصب نفسه للناس إماما، فعليه أن يبدأ بنفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته، قبل تأديبه بلسانه، فمعلم نفسه ومؤدبها أولى بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.
ومن كلامه عليه السلام: لا ينبغي أن يكون الإمام سفيها ومنه يقتبس الحلم، ولا جائرا ومنه يقتبس العدل.
Page 100