Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genres
وقد كشفت التجربة أن مدمن التتن لا حياء له ولا مروءة، ألا تراه منسوبا بالأصالة إلى رذال الناس وسقطهم كغوغاء الأسواق أهل المهر الدنيئة، والمتظاهرين بالأخلاق الرديئة، والمجانة والألفاظ البذيئة، وكسواس الخيل والحمير ونحوهم من المقبوية، أولا ترى أن من ولع به من أهل المناصب والبيوت الشريفة يشربه في خفية ويحاذر أن يظهر عليه أثره، وأن ينسب إليه عند من يستحي منه شربه والتعلق به، ما ذاك إلا لما تقرر في العقول من هجنة شربه، والتعلق به، فشربه مجحف بالمروءة التي عمادها الحياء، فإن حقيقتها ألا يعمل في السر بعمل يستحي منه في العلانية، فقد نقص الدين بإذهابه الحياء والمروءة، أولا ترى أن الطائفة المشهورة بشربه وهم الغوغاء منسوب إليهم المجانة والبذاء والبطالة والغدر والكذب وخيانة الأمانة، وهو أيضا مضر بالبدن؛ لإضراره بالصدر والرئة ومجاري النفس؛ ألا ترى أن مكثره لا يقدر على العدو، ولقد رأينا منهم من تركه لإضراره به وهو مضر بالعقل، ألا ترى أن المشتهرين به يختارون الرذائل على الفضائل، وصحابة الأوغاد على مقاربة الأمجاد، فهذا كما ذكر العلماء أن شرب الخمر يدل على فسق باطن ما ذاك الأصيل طبعهم إلى الشر وبعدهم عن الخير، وهو أيضا مضر بالمال بما أشار إليه الناظم من أنه يضر ولا ينفع، ومن شرى ما لا يضره ولا ينفعه فهو من المبذرين إخوان الشياطين، ولا ينقدح في قلبك شك لتتابع الناس في هذا الشر، وإمساك العلماء عن إنكار هذا المنكر، فلقد تظاهر الناس بشرب الخمر في زمن بني أمية وبني العباس[69أ] وإتيان الذكور في زمن بني العباس، واعتبروا الظرف والأدب بحسن وصف هاتين الفاحشتين، ونقل العلماء الأقوال المحيرة في هاتين المعصيتين، ومدحوا من أجاد في وصفهما، وأبانوا ترجيحه على المقصرين في ذكرهما فضلا عن أمرائهم، فإنهم أعطوهم على ذلك أموال الله، وآثروهم على المؤمنين بحق الله، فلم يزل الحق وأهله قليلين، مستهدفا بأقوالهما مزدرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
Page 290