شارح التوراة: إن ذريته كانت تنزل في عهد البعثة الإسلامية إلى جوار يثرب، ولعل موسى تلقى اسمه في ذلك الجوار؛ إذ كانت تسميته العربية أرجح من تسميته المصرية أو العبرية، فإن ابنة فرعون لا تسميه بالعبرية، ولا يسميه بها من يريد خلاصه من مصير المولودين العبريين، وصحيح أن كلمة ميسو
Mesu
بالمصرية معناها الطفل، كما يقول بعض الشراح المحدثين، ولكن اليهود لا يرتضون لنبيهم ومخرجهم من أرض مصر اسما مستعارا من المصريين. •••
ومن الجماعات التي عنيت عناية خاصة بهذه النبوءات جماعة الأحمدية الهندية، التي ترجمت القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، فإنها أفردت للنبوءات والطوالع عن ظهور محمد - عليه السلام - بحثا مسهبا في مقدمة الترجمة، شرحت فيه بعض ما تقدم شرحا مستفيضا، وزادت عليه أن نبوءة موسى الكليم تشتمل على ثلاثة أجزاء؛ وهي: التجلي من سيناء، وقد حصل في زمانه، والتجلي من سعير أو جبل أشعر، وقد تجلى في زمن السيد المسيح؛ لأن هذا الجبل - على قول الجماعة الأحمدية - واقع حيث يقيم أبناء يعقوب الذين اشتهروا بعد ذلك بأبناء أشعر. وأما التجلي الثالث فمن أرض فاران، وهي أرض التلال التي بين المدينة ومكة.
وقد جاء في كتاب فصل الخطاب أن الأطفال يحيون الحجاج في تلك الأرض بالرياحين من «برية فاران»، وقد أصبح أبناء إسماعيل أمة كبيرة كما جاء في وعد إبراهيم؛ فلا يسعهم شريط من الأرض على تخوم كنعان، ولا وجه لإنكار مقامهم حيث أقام العرب المنتسبون إلى إسماعيل، ولا باعث لهم على انتحال هذا النسب والرجوع به إلى جارية مطرودة من بيت سيدها.
وقد جاء في التوراة أسماء ذرية إسماعيل الذين عاشوا في بلاد العرب، وأولهم نبايوت أو نبات أبو قبائل قريش، الذي يقرر الشارح كاتربكاري
Katripikari
أنه أقام بذريته بين فلسطين وينبع (ميناء يثرب)، ويقرر بطليموس وبليني أن أبناء قدور - وهو قيدار الابن الثاني لإسماعيل - قد سكنوا الحجاز، ويضيف المؤرخ اليهودي يوسفيوس إليهم أبناء أدبيل، الابن الثالث في ترتيب العهد القديم.
ولا حاجة إلى البحث الطويل عن مقام أبناء دومة وتيماء وقدامة وأكثر إخواتهم الباقين؛ فإن الأماكن التي تنسب إليهم لا تزال معروفة بأسمائها إلى الآن، ومن نبوءة أشعيا التي سبقت مولد السيد المسيح بسبعمائة سنة يظهر جليا أن أبناء إسماعيل كانوا يقيمون بالحجاز؛ ففي هذه النبوءة يقول النبي أشعيا من الإصحاح الحادي والعشرين: «وحي من جهة بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا؛ من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب؛ فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار.»
ويعود المفسرون من الجماعة الأحمدية فيفسرون هزيمة قيدار بهزيمة المكيين في وقعة بدر، وهي الهزيمة التي حلت بهم بعد هجرة النبي إلى المدينة بنحو سنة كسنة الأجير.
Page inconnue